الطريقتين، ولكنه سوى بين المؤلفات التي تحكي طريقة الخراسانيين، والمؤلفات التي تجمع بين الطريقتين، فكأنه ينظر إلى نسبة أصحابها الجغرافية دون لون التفقه وطريقته، وهذا ما عنيناه بالتوسع في العبارة.
النتيجة:
في ضوء هذه الحقائق الثلاث، وما تقدم من حديث حول مسألة أو مصطلح الطريقتين نستطيع أن نفسر عدم العناية من أئمة المذهب والمؤرخين لتطوره وأعلامه بالكتابة عن الطريقتين؛ حيث لم يكن ذلك بالحجم أو بالشأن الذي يلفتهم إليه، فلم يكن ذلك عن تقصيرٍ منهم - حاشاهم!!
وبهذا نكون أيضا قد فسرنا -كما وعدنا- عدم ذكر شيخنا الإمام أبي زهرة مصطلح (الطريقتين) ولو بكلمة واحدة.
ثم نعود ونؤكد ما قلناه من قبل، وهو أن العمدة في كل ما كُتب -وقد سجلناه- هو كلام الإمام النووي، رضي الله عنه.
وأخيراً نقول: إن النظر إلى الشكل البياني رقم (٣) يوضح بإيجازٍ بليغ كلَّ ما قيل عن طريقتي الخراسانيين والعراقيين، فنكتفي به، ونحيل إليه.
البصرويون والكوفيون والبغداديون:
وقد حكى إمام الحرمين خلافاً بين البصريين والكوفيين في عدة مواضع في كتاب الفرائض، ولكنها كلها تقع بين فقهاء السلف، وليس خلافاً داخل المذهب.
ولكن الماوردي في كتابه (الحاوي) حكى خلافاً بين البغداديين والبصريين، نقله عنه النووي في (المجموع)، في حكم الوطء في الحيض، والتصدق بدينارٍ أو بنصف، قال الماوردي:" كان أبو حامد الإسفراييني وجمهور البغداديين يجعلونه قولاً قديماً، وكان أبو حامد المروزي وجمهور البصر لا يجعلونه قولاً قديماً، ولا يحكونه مذهباً للشافعي ... "(المجموع: ٣/ ٣٦٠).
ويلوح لي أن هذا خلاف ثانوي داخل طريقة العراقيين، ولذا لم يُشر إليه النووي وهو يتكلم عن الطرق في حكاية المذهب.