للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي ذكره في نهاية الحسن، واحتج بما روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: "إذا مت، فكفنوني في ثوبي الخَلَق؛ فإن الحيَّ أولى بالجديد" (١) فنفذت وصيته.

فهذا منتهى القول في أقل الأكفان في تفاصيل الأحوال

١٦٦١ - فأما القول في الأكمل، فالرجل يكفن في ثلاثة أثواب، ولا ينبغي أن يزاد على هذا القدر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تغالوا في الأكفان؛ فإنها تسلب سلباً سريعاً" (٢).

١٦٦٢ - ثم الوجه أن نذكر ما تكفن المرأة فيه أولاً، ثم نذكر كفن الرجال.

قال الشيخ أبو علي: يجوز أن يزاد عدد أكفان المرأة على الثلاثة، عند أئمتنا، فإنها تُعنى بمزيّةٍ في الستر حيّةً وميتة، ثم يسوغ الاقتصار على الثلاثة، وإن زيد على الثلاثة، فينبغي أن تبلغ خمسة طلباً للإيتار، وليست الخمسةُ وإن أحببناها في حقها بمثابة الثلاثة في حق الرجل، حتى نقول تُجبَر الورثةُ عليه، كما تجبر على الثلاثة.

وهذا متفق عليه.

ثم إذا كانت تكفن في خمسة، فليكن أحدها إزاراً، والثاني خماراً، وهل يستحب أن تُقَمصَ؟ فعلى قولين: أحدهما - أنا لا نستحب ذلك، وهو الجديد.

والثاني - أنها تُقَمَّصُ؛ فإن ذلك أستر لها، ثم ذكر الشافعي: أنه تُشد عليها أكفانها بشداد، واختلف أئمتنا في أن هذا الشداد من جملة الخمسة، أو هو سادس. فإن قلنا: هو [سادس] (٣) [فهو شدادٌ] (٤) وراء الأكفان، ثُمّ يُحَلّ في القبر، وينحَّى،


(١) خبر وصية أبي بكر أن يكفن في ثوبه الخَلَق. قال الحافظ رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، وليس فيه ما يشهد بأنه يكفن في ثوب واحد، بل فيه، "وزيدوا على ثوبي هذا ثوبين" (ر. البخاري: الجنائز، باب موت يوم الإثنين، ح ١٣٨٧، التلخيص: ٢/ ١٤٣، ملحق بالحديث رقم ٨٠٧، في آخر الكلام).
(٢) رواه أبو داود من حديث علي بن أبي طالب. (ر. أبو داود: الجنائز، باب كراهية المغالاة في الأكفان، ح ٣١٥٤، والتلخيص: ٢/ ١٠٩ ح ٧٤٧).
(٣) في الأصل و (ط): شداد والمثبت من (ت ١). وعبارة (ل): فإن جعلته سادساً، فهو شداد ...
(٤) زيادة من (ت ١).