للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاة، فلا ينبش ليصلَّى عليه، ولكن يحرم أن يُفعل ذلك قصداً بل يجب أن يصلى عليه قبل الدفن -وإن كانت الصلاة لا تمتنع بالدفن- فإن في مخالفة ذلك تركَ الشعار العظيم، الظاهر في فرض الكفاية، وفيه إهانةُ الميت فحرم.

١٦٨٢ - ولو قُبر الميت في أرضٍ مغصوبة، فطلب مالكها إخراجَه، تعيَّن إخراجُه.

ولو كفن في ثياب مغصوبة، ودفن، فقد اختلف أئمتنا في ذلك، فذهب بعضهم إلى أنه يتعيّن النبشُ وردّ الثياب إلى مالكها، كما يجب ذلك بسبب تَخْلِية الأرض المغصوبة وردها، وقال قائلون: لا نفعل ذلك، ولا نجوزه، ونغرَم لمالك الثياب قيمتَها.

ثم يتطرق إلى الأرض المغصوبة والكفن المغصوب نوعان من الكلام: أحدها - أنه لو دفن في أرضٍ مغصوبة، وتغير، وكان إخراجه هتكَ حرمةٍ، فالذي أشار إليه الأئمة أنه يخرج مهما (١) طلب المالك، واحتُمل ذلك؛ فإن حرمة الحي أولى بالمراعاة.

ويجوز أن يظن ظان تَرْكَه؛ فإنا قد نقول: لو غصب غاصب خيطاً، وخاط به جرحاً، فلا يسلّ الخيط، إذا كان يؤدّي إلى إضرارٍ، وفي القواعد -على ما سنصف- تنزيلُ حرمة الميت منزلةَ حرمة الحي، فيما هذا سبيله، سيّما والأمر في ذلك قريب؛ فإنه سيبلى في زمان ينمحق أثره، والدليل عليه أن مبنى العاريّة على جواز الرجوع فيها، ثم من أعار بقعةً حتى دُفن فيها ميت، ثم أراد الرجوع في العارية، لم يكن ذلك له، وكان هذا من العواري اللازمة، فهكذا في الدفن في الأرض المغصوبة.

وذكر العراقيون وجهاً ثالثاً في الكفن المغصوب، فقالوا: إن تغير الميت، وكان يؤدي النبش إلى هتك حرمته، فلا يردُّ.

وكان شيخي لا يرى هذا التفصيل، ويقول: لو بلع لؤلؤةً، ومات، فقد يشق بطنه لردها، ولا [مزيد] (٢) على هذا في الهتك، ولكنا نحتمله لرد الحق إلى مستحقه. والله أعلم.


(١) "مهما" بمعنى إذا.
(٢) في النسخ الثلاث: يزيد، والمثبت تقديرٌ منا. وقد صدقته (ل).