للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الجهر، فقد قال الصيدلاني: إن أقيمت الصلاة نهاراً، فلا جهر، وإن أقيمت ليلاً سنّ الجهر فيها، بالقراءة، وقد روي ذلك عن ابن عباس.

وفي بعض التصانيف أنه لا يسن الجهر بالقراءة، ليلاً كانت الصلاة أو نهاراً؛ فإن مبنى هذه الصلاة على التخفيف. وهذا متجه عندي. وفي الرواية عن ابن عباس ما يُسقط الاحتجاج بها، فقد روي: "أنه جهر بالقراءة في صلاة الجنازة، ثم قال: إنما جهرت، لتعلموا أن فيها قراءة" (١). وليس في الرواية تقييد بالليل. والظاهر أنه فعل ذلك نهاراً؛ فإن صلاة الجنازة يندر وقوعها ليلاً.

١٧٢٤ - ثم إذا فرغ من قراءة الفاتحة، كبّر التكبيرةَ الثانية. ويصلي (٢ على النبي عليه السلام.

والذي نقله المزني: "أنه يحمد الله عقيب التكبيرة الثانية ٢) ويصلي ويدعو للمؤمنين والمؤمنات" (٣)، واتفق أئمتنا على أن ما ذكره من حمد الله قبل الصلاة غيرُ سديد، ولم نر هذا للشافعي في شيء من منصوصاته.

وأما الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، فقد تردد فيه أئمتنا، فلم يره بعضهم، ومن رآه فمستنده أن الصلاة وراء التشهد الأخير تستعقب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، فهذه الصلاة (٤) بتيك (٥). وإذا كان لا يصح في ذلك ثَبَت من جهة السنة، فإثبات هذه في


(١) أثر ابن عباس، أورده الإمام بمعناه، وهو عند البخاري بلفظ: "عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب. قال: لتعلموا أنها سنة" وعند النسائي نحوه، وعند أبي داود عن مقسم عن ابن عباس. (ر. البخاري: ٢/ ٩١، كتاب الجنائز، باب (٦٥) قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة، ح ١٣٣٥، وأبو داود: الجنائز، باب ما يقرأ على الجنازة، ح ٣١٩٨، والترمذي: الجنائز، باب ما جاء في القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب، ح ١٠٢٦، ١٠٢٧، والنسائي: الجنائز، باب (٧٧) الدعاء، ح ١٩٩٠).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت ١).
(٣) ر. المختصر: ١/ ١٨٣.
(٤) المراد الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم.
(٥) أي كتلك.