للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحم الله عمر: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، ولكنه قال: إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله. ثم قالت: حسبكم القرآن قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤].

ثم فيما ذكرته إشكال أيضاً؛ فإن الزيادة في عذاب الكافر لمكان بكاءٍ يصدر من غيره مشكل، قال المزني: بلغني أن الكفار كانوا يوصون بأن يندَبوا ويُبكَوْا؛ فإنهم يعذبون على وصاياهم. والرواية الصحيحة عن عائشة في ذلك أنها قالت: رحم الله عمر ما كذب، ولكنه أخطأ أو نسي، إنما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهوديّةٍ ماتت ابنتها، وهي تبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم يبكون، وإنها تعذب في قبرها" (١) وهذه الرواية لا تُحوج إلى تأويل أصلاً؛ إذ ليس فيها أنها تعذب بسبب بكائهم. والله أعلم (٢).

...


(١) حديث: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه" متفق عليه عن عمر رضي الله عنه، يرويه عنه ابنه عبد الله، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم. واستدراك عائشة رضي الله عنها هذا الحديث على عمر مشهور. والروايتان اللتان أوردهما إمام الحرمين، متفق عليهما؛ سواء الأولى التي تحتاج إلى التأويل الذي روي عن المزني، أم الآخرة، التي لا تحتاج إلى تأويل، والتي اعتمدها إمام الحرمين رضي الله عنه. (ر. اللؤلؤ: ١/ ١٨٤ الأحاديث من ٥٣٤ - ٥٣٩).
(٢) خاتمة نسخة (ل) التي انتهت هنا جاء فيها ما نصه: "تم بحمد الله ومنّه السفر الأول من (النهاية) وهو آخر كتاب الكنائز (كذا) يتلوه (كتاب الزكاة) إن شاء الله تعالى.
كتب من نسخة الفقيه الأجل، الكبير، الإمام، العالم، العامل، الورع، تقي الدين أبي عبد الله، محمد بن الشيخ أبي علي بن رزين، نفعه الله بالعلم، وزينه بالحلم في الدارين.
كتبه العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى الراجي عفو الله وكرمه، إبراهيم بن سعد الله ابن جماعة، غفر الله له، ولجميع المسلمين في ... ها ليلة الخميس رابع عشر ذي القعدة من شهور سنة ست وعشرين وستمائة للهجرة النبوية.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".