ومن يقول: الفرض مقدار الخُمس، فمعناه أنه مقدار الخمس على شرط التبرع بالبقية، حتى يزول عيبُ التشقيص.
فليفهم الناظر ذلك.
فلو ملك عشراً من الإبل، فأخرج بعيراً واحداً، فقد ذكر الأصحاب أن هذا يخرج على الخلاف المتقدم، فإن قلنا: يقع جميعُ البعير في الخَمس فرضاً، ويقوم مقام شاةٍ؛ فلا يقع الاكتفاء في العَشر ببعيرٍ واحد، بل لا بد من بعيرٍ وشاةٍ، أو بعيرين.
وإن قلنا: المفروض من البعير في الخَمس مقدار خُمسه، فيجزىء البعير عن العَشر، والمفروض منه مقدار الخُمسين، والباقي متطوَّع به، كما تقدم تفصيل ذلك.
وهذا غير سديد عندي، وخارج عن القاعدة المرضية؛ فالوجه القطع بإجزاء البعير الواحد في العشر لإجزائه في الخمس والعشرين، ومن حاد عن اعتبار الأوْلى من طريق الفحوى، فقد ضل عن سواء طريقه ضلالاً بعيداً، واختبط في أمورٍ خارجة عن الضبط.
وإذا وضح هذا في العشر؛ فتفريعه في الخمسةَ عشرَ، وفي العشرين على هذا النحو فالوجه المعتبر (١) أن ما يجزىء عن الكثير يجزىء عن القليل لا محالة.
وسنوضح اطّراد ذلك في تفاصيل المذهب بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فهذا قولنا في هذا الطرف، وهو إذا أخرج بعيراً عن خمس من الإبل، وأقامه مقام شاة.
١٧٥٦ - ثم ذكر بعض الأصحاب تردداً، في أن البعير المخرجَ عن خمسٍ من الإبل أصل، أم بدل عن الشاة؟ وهذا بعيد؛ فإن إثبات البدل لا يناسب مذهب الشافعي، وإن غلط من ظن ذلك من قول بعض الأصحاب: إن قيمة البعير ينبغي ألا تنقصَ عن قيمة شاة مجزئة.
(١) اضطربت النسخ كلها في هذه الجملة، ففي الأصل: "فالوجه المعتبر في"، وفي (ط): "والوجه المعتبر في" وفي (ت ١): "والوجه المصير إلى ما يجزي" والمثبت من (ت ٢)، (ك).