للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٧٦٠ - فنعود إلى غرض الفصل، فنقول: إذا ملك خمساً وعشرين من الإبل، وكان في ماله بنتُ مخاض مجزئةٌ، فهي واجبُ ماله، وإن لم يكن في ماله بنت مخاض، وكان فيه ابن لبون، أجزأ ابن لبون، وهذا منصوص عليه في الحديث (١)، وهو متفق عليه (٢).

ثم الأنوثة في الزكاة مبغيّةٌ مطلوبة، والذكورة ملحقة بالعيوب، وإن لم تكن بمثابتها في كل الوجوه، فكأن الشارع رقى في السن، وقبل الذكورة؛ فكان ابنُ لبون بمثابة بنت المخاض، ولكنه يترتب عليه، فلا يُقبل ابنُ اللبون مع وجود بنت المخاض في المال، (٣ فإن لم توجد بنتُ المخاض، أجزأ ابنُ اللبون، إذا كان موجوداً في المال ٣)، وإن كان شراء بنت المخاض ممكناً.

هذا مقتضى النص، وهو مجمع عليه، فلو لم يكن في ماله بنتُ مخاض، ولا ابن لبون، وكان يحتاج إلى تحصيل أحدهما لأجل الزكاة، فالذي نقله الأئمة عن نص الشافعي أنه بالخيار: إن شاء اشترى بنت مخاض وإن شاء، اشترى ابن لبون، قال صاحب التقريب: الوجه أنه يلزمه شراء ابنة المخاض، ووجه قوله أنهما إذا فقدا في ماله، فقد استوى الأمر في بنت المخاض وابن اللبون، وإمكان التحصيل شامل لهما جميعاً، فصار الاستواء في حالة الفقد بمثابة ما لو وجدا جميعاً في مالهِ، ولو كان كذلك، لتعيّن إخراج بنت المخاض، ووجه النص أن الأصل استواء بنت المخاض وابن اللبون؛ فإنهما متعادلان: في أحدهما نقصان السن وزيادةٌ في الصفة، وفي الثاني زيادة السن ونقص الذكورة، وحكم ذلك الاعتدالُ، وإنما يتعين عند الوجود إخراج بنت المخاض لأجل النص، ثم ابن اللبون ليس على حقائق الأبدال، بدليل أنه


(١) المراد حديث أنس الذي رواه البخاري في مواضع من صحيحه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك آنفاً. ويقول الحافظ سراج الدين بن الملقن: "حيثما وجدته معزواً إلى أنس، أو إلى أبي بكر، فإنه في البخاري". (ر. خلاصة البدر المنير: ١/ ٨٥، ح ٩٩٣).
(٢) ليس المراد هنا المصطلح الحديثي، الذي يعني أن الشيخين اتفقا على إخراجه، فلعل المقصود هنا الاتفاق على صحة الحديث، بالمعنى العام، أو الاتفاق على هذا الحكم، فقد نقل الإجماع على هذا ابن المنذر، والنووي (ر. المجموع: ٥/ ٤٠٠).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ١).