للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبعيد. وكذلك القول في انتظار السلطان، كما قدمناه.

ثم هذا التردد عندي فيه إذا لم يظهر ضُرُّ مَنْ حضر وشهد، فأما إذا كانوا يتضرَّرون (١) جوعاً، وهو يؤخر إلى حضور جارٍ أو قريب، فلا سبيل إليه قطعاً؛ فإن مدافعاتهم على ضروراتهم، لمزيّة وفضيلة محالٌ.

ثم أقول وراء ذلك: حيث امتنع التأخير، فلا شك في وجوب الضمان عند تحقق التلف، وإن سوّغنا التأخير في بعض الصور، مع إمكان البدار، ففي وجوب الضمان مع هذا وجهان؛ نظراً إلى التزام سلامة العاقبة.

١٧٩٢ - ومما يتعين الاعتناء به أن من قال: الإمكان من شرائط الوجوب، فالذي أراه القطعُ بأن المعنيَّ بالإمكان المشروط في الوجوب تصوّر الأداء، فأما ما يتعلق بإحراز الفضائل، فلا يسوغ المصير إلى أنه شرطُ وجوب الزكاة على هذا القول، وقد صرّح بذلك الصيدلاني في آخر الباب، وليس هو مما يتمارى فيه.

١٧٩٣ - ومما يتعلق بتمام ذلك أنا إذا فرّعنا على أن الإمكان شرط الوجوب، فلو انقضى الحول، ولا إمكان، حتى مضى شهر مثلاً، فابتداء الحول الثاني يحتسب من مُنقرض الحول الأول، لا من وقت الإمكان، فلا يختلف حساب الأحوال باستئخار الإمكان، مصيراً إلى أن ابتداء الحول الثاني يعقب وجوبَ الزكاة.

ولو انقضت أحوال، والمالك على ارتفاقه، والمال على نمائه، وكان المالك لا يتمكن من أداء الزكاة، ثم تمكن، فلا يجوز أن يعتقد أن زكوات تلك الأحوال لا تجب.

نعم لو عسر [الارتفاق] (٢) بغَصْبٍ في المال، أو ضلالٍ، ففيه أقوال، وتردّدٌ ظاهر، وكذلك لو فرض نتاج بعد الحول الأول، وقبل الإمكان، فهو محسوب من الحول الثاني، كما سيأتي تفصيل القول في النتاج، بناء على أن حساب الحول


(١) في (ت ٢): يقصرون جميعاً، وفي باقي النسخ "يتضررون" كما هو مثبتٌ؛ فلا يظنن ظانٌّ
أنها "يتضوّرون"، كما هو مألوف سمعنا الآن.
(٢) في الأصل، و (ط): الارتقاب.