للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حين أن آخرين يرون أن القديم ما قاله الشافعي بالعراق تصنيفاً، أو أفتى به (١)، وأما ما وجد بين مصر والعراق، فالمتأخر جديد، والمتقدم قديم.

والرأي الأول أقرب إلى الراجح، وقد أيده الرملي في نهاية المحتاج (٢).

مدى الاختلاف بين القديم والجديد:

قد يتبادر إلى الذهن لدى البعض أن الشافعي أضرب عن القديم كَملاً، وأبطله كلَّه، وقد يساعد على ذلك ما روي عن الشافعي: " لا أجعل في حِلٍّ من روى القديم عني "، وما قاله الماوردي من " أن الشافعي غَيَّر جميع كتبه في الجديد إلا الصداق؛ فإنه ضرب على مواضعَ منه، وزاد في مواضعَ " (٣).

وهذا عند التأمل يظهر أنه غير معقولٍ، ولا مقبول، بل الواقع يقول بخلافه، فما يروى من خلافٍ بين القديم والجديد، قدرٌ محصور من فقه الشافعي، بمعنى أن ما حفظه تلامذة الشافعي ببغداد، وروَوْه من فقهه لا يخالف الجديد في كل حرفٍ ورأي.

وعلى هذا فما رواه تلاميذ الشافعي العراقيون مما أملاه وقرره بالعراق يعد مذهباً للشافعي غير مرجوعٍ عنه، ما لم يرد فيما أملاه بمصر ما يخالفه.

وأما النصوص الموهمة غير ذلك، فصرفها عن ظاهرها ميسور، وربما كان التشديد في عدم رواية القديم، وما يُفيد التغاير بين القديم والجديد خاصاً بالأصول؛ فمن المعروف أن الشافعي أعاد كتابة (الرسالة) في مصر، وغيَّرها عما كانت عليه عندما كتبها بالعراق، وأرسلها إلى عبد الرحمن بن مهدي.

أيّاً كان الأمر، فقد وضح ما نحاوله من بيان معنى القديم والجديد.


(١) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ١/ ١٢ (عن المذهب عند الشافعية).
(٢) المذهب عند الشافعية.
(٣) نهاية المحتاج: ١/ ٥٠، ومغني المحتاج: ١/ ١٣، والفوائد المدنية: ٥٠ (عن المذهب عند الشافعية).

<<  <  ج: ص:  >  >>