للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان أكثرُ ماله مراضاً، فهذا فيه احتمالٌ، مع الاعتضاد بظاهر نص الشافعي.

ولكن أجمع الأئمة على خلافه؛ فإن المطالبة بالصحيحة -وفي المال صحاح- فيه تعبد، كما ذكرته.

ولا تعتبر فيه القيمة وارتفاعها؛ فإنا لا نقبل مريضةً رفيعة القدر، وإن كانت قيمتها تزيد على قيمة صحيحة مجزئة.

١٨٠١ - فاما إذا كانت ماشيته كلها مراضاً، فقد عُدمت الصحيحة المعتبرة منه، فيرجع النظر إلى اعتبار الإنصاف.

وقد قال الأئمة إذا كانت ماشيته كلها مراضاً، وكانت منقسمةً إلى رديئة، وإلى جيدة مع المرض، فلا نطلب البالغةَ في الجودة، ولا نأخذ الرديئة البالغة في الرداءة، ولكن نأخذ الوسط بين الدرجتين.

وحمل معظمُ الأئمة (١ قول الشافعي ١) على هذا، فقالوا: المعنيّ بقوله: [نأخذ] (٢) خير المعيبة إلى (٣) الوسط منها.

وذكر العراقيون في ذلك صورة، وحكَوْا فيها تردداً، وهي أنه لو ملك خمساً وعشرين من الإبل وفيها بنتا مخاض، والإبل كلها مريضة، ولكن كانت إحدى بنتي المخاض من أجود المال مع [العيب] (٤)، وكانت الأخرى دونها، فللساعي أن يطلب الأجود، وإن كانت أرفع ما عنده؛ فإنها وقعت سنَّ الزكاة، فهذا مذهب بعض الأصحاب.

ومنهم من قال: لا نكلفه ذلك، بل نقنع بالوسط، وإن لم نجد، كلفناه أن يشتريَ بنت مخاض وسط، بالإضافة إلى ماله.

وهذا التردد سببه أن خير المعيب بمعنى الأجود وقع سنَّ الفريضة، فشابه ذلك طلب الساعي الأغبط، إذا اجتمعت الحقاق، وبنات اللبون في المائتين، والصحيح الاكتفاء بالوسط. كما ذكرناه.


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).
(٣) كذا في جميع النسخ، ولعلها "أي الوسط منها".
(٤) في الأصل، (ط)، (ك): المعيب.