للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه نظر دقيق، وهو أن الماخض (١) قد تتخَيّل حيوانين: الأم، والجنين. وفي الأربعين شاةٌ واحدة؛ فتكليفه ماخضاً لا وجه له، وقد يرد على هذا إيجاب الخَلِفات (٢) في المائة من الإبل، ولكن الدية اتباعية، لا مجال للنظر في مقدارها، وصفتها، ومن يحملها، ولا وجه عندي لمخالفة صاحب التقريب فيما ذكره.

١٨٣٤ - ومما ذكره الأئمة عن صاحب التقريب أن الساعي لا يعتمد كريمةً شريفةً من ماشية الرجل، وقد صح نهيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أخبار، فلو تبرع الرجل بإخراج تلك الكريمة، فهي مقبولة منه في ظاهر المذهب.

قال: ومن أئمتنا من قال: إنها غير مقبولة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن أخذ كرائم أموال الناس" (٣).

وهذا مزيّف لا أصل له؛ من جهة أن المراد بالنهي منع السعاة من الإجحاف بملاك الأموال، وأمرهم برعاية الإنصاف، ولا يفهم الفقيه من هذا أن المالك لو تبرع ببذل كريمةٍ لا تقبل منه، (٥ وهذا الوجه لم أنقله في (الزوائد) (٤) من كلام صاحب التقريب. وغالب ظني أني اكتفيت فيه بنقل الأئمة ٥).

ومما يتصل بذلك أنه لو بذل ماخضاً، قبلت منه على طريقة الأئمة، واعتدّت فريضة كالكريمة في نوعها، أو صفتها.

ونقل الأئمة عن داود أنه منع قبول الماخض، مصيراً إلى أن الحمل عيب، وهذا


(١) الماخض: الحامل، التي حان وضع حملها. (المصباح).
(٢) الخلفات: جمع خلفة، وهي الحامل أيضاًً. (المصباح).
(٣) حديث النهي عن أخذ كرائم الأموال، متفق عليه من حديث ابن عباس، بلفظ: "إياكم وكرائم أموالهم". (ر. البخاري: الزكاة، باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، ح ١٤٥٨، مسلم: الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، ح ١٩، التلخيص: ٢/ ١٥٤ ح ٨١٦).
(٤) الزوائد. لا أدري ما المقصود بها!! لم أر هذا اسماً لكتاب من كتب إمام الحرمين. والله أعلم.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).