نقول: اختلف أئمتنا في أنا هل نجمع في صاحب الستين بين حكم الانفراد والخلطة أم لا؟ وفيه وجهان: أحدهما - أنا لا نُثبت في حقه إلا أحد الحكمين؛ فإن الجمع بينهما مع اتحاد الملك تناقض.
والثاني - أنا نجمع بينهما لاجتماعهما في ملكه.
التفريع على الوجهين: إن قلنا: لا نجمع، فقد اختلف الأئمة على هذا الوجه، فمنهم من قال: يغلّب حكم الانفراد، ويجعل كأنه انفرد بستين من الغنم، فيلزمه شاة واحدة في المختلط والمنفرد، وهذا كما أنا نغلب حكم الانفراد إذا جرى في حولٍ انفراد واختلاط.
هذا ظاهر المذهب.
ومن أئمتنا من قال: نغلّب حكم الخُلطة؛ لأن الخلطة متحققة في بعض ماله، وماله الذي انفرد به منضمٌّ إلى ما وقعت الخلطة فيه، فارتباط الملك أجمع من خلطة الجوار، فعلى هذا نجعل كأن كلَّ الملك مختلط في حقه، ولو كان كذلك، لوجب في الجملة شاة، ويخص صاحب الستين منها ثلاثة أرباعها، فعليه ثلاثة أرباع شاة.
وهذا تفريع على أحد الوجهين، وهو أنا لا نجمع بين حكم الانفراد والخلطة.
فأما إذا قلنا: نجمع في حقّه بين الأمرين، ففي كيفية ذلك وجهان: أحدهما - أنا نوجب في المنفرد بحسابه وفي المختلط بحسابه. وبيانه أنه قد انفرد بأربعين، فجعل كأنه انفرد بالستين، فنقدر فيه شاة، ففي الأربعين منها ثلثا شاة، ثم نعود، فنقدر كأن الستين مختلطة بالعشرين، والمجموع ثمانون، ففيها شاة فيخص العشرين منها ربع شاة، فيضم ذلك إلى ما أوجبناه في الأربعين بحساب الانفراد وهو ثلثا شاة، فالمجموع خمسة أسداس ونصف سدس.
والوجه الثاني - أنا نوجب فيما انفرد به بتقدير انفراده بجميع ماله، كما تقدم، فيلزمه فيه ثلثا شاة، كما تقدم، فأما ما خالط به، فنوجب عليه فيه مثلَ ما نوجبه على خليطه، وقد ذكرنا أنه يجب على خليطه نصف شاة، فكذلك يجب عليه نصف شاة، فنضمه إلى ثلثي شاة الذي أوجبناه في الأربعين المنفردة، فالمجموع شاة وسدس شاة.