للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخريجات المزني، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن جرير وغيرهم، وقد أشرنا إلى شيء من ذلك فيما سلف.

إما إذا خرّج على أصول إمامه وقواعده، أو خرّج من نصٍّ معين لإمامه، أو اكتفى في الحكم بدليل إمامه من غير أن يبحث عن معارض كفعل المجتهد المستقل في النصوص، فهذه الوجوه تعد من المذهب، قال إمام الحرمين في (نهاية المطلب) في باب ما ينقض الوضوء: " إذا انفرد المزني برأي، فهو صاحب مذهب، وإذا خرج للشافعي قولاً، فتخريجه أولى من تخريج غيره، وهو ملتحق بالمذهب، لا محالة ".

وعقب النووي على ذلك قائلاً: " وهذا الذي قاله الإمام حسن، لا شك أنه متعين " (١) وقد ذكر إمام الحرمين هذا المعنى بألفاظ أخرى حيث قال: " إن المفتي يحل في حق المستفتي محل الإمام المجتهد ... ، ثم يقلد المستفتي ذلك الإمامَ المقَّلدَ المنقلبَ إلى رحمة الله تعالى ورضوانه، لا الفقيهَ الناقلَ القيَّاسَ " (٢).

وإذا قلنا: إن هذه الوجوه المخرجة على أصول الشافعي وقواعده، والمأخوذة من نصوصه تلحق بمذهبه، ويقال فيها: هذا مذهب الشافعي، فهل يصح أن تنسب إلى الشافعي قولاً له؟

اختلف الأصحاب في ذلك، والأصح أنه لا يصح نسبته إلى الشافعي قولاً له، اختار ذلك أبو اسحاق الشيرازي، وابن الصلاح، والنووي، قال الشيرازي في (شرح اللمع): "فأما ما يخرجه أصحابنا على قوله، فلا يجوز أن ينسب إليه، ويجعل قولاً له.

ومن أصحابنا من أجاز ذلك، وقال: حكمه حكم المنصوص عليه.

والدليل عليه أن قول الإنسان ما نص عليه، أو دل عليه بما يجري مجرى النص، فأما إذا لم ينص عليه، ولم يدل عليه بما يجري مجرى النص، فلا يحل أن يضاف


(١) المجموع: ١/ ٧٢.
(٢) الغياثي: فقرة ٦٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>