١٩٢٨ - ولو كانت العين ناقصة نقصان صفة، فهل يغرَم للراجع القابضُ أرشَ النقصان أم لا؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يغرَم؛ بناء على التبيّن، ولو تلفت العين، وطرأ ما يوجب الاسترداد، غرَّمه القيمة، فنقصان الصفة في معنى فوات الموصوف، وليس كما لو نقصت العين الموهوبة في يد المتَّهب، فأراد الواهب الرجوع؛ فإنه لا نُغرِّمه أرشَ النقصان؛ لأن العين لو كانت فائتة، لم نغرِّمه القيمةَ.
ومن أصحابنا من قال: لا يثبت الرجوع بالنقصان، وهو الذي حكاه الصيدلاني عن القفال؛ لأن القابض لم تكن يده يد ضمان وعهدة، وهذا القائل يحكم بانتقاض الملك، من وقت حدوث السبب الذي يوجب الاسترداد.
ولما حكى أبو بكر هذا عن القفال، أظهر في المسألة تردّداً، ونقل عن القفال في الاستشهاد مسألةً، وهي أن من اشترى عيناً، وَوَفَر (١) الثمن، ثم اطلع على عيبٍ قديمٍ بالعين؛ فإنه يردّها، فلو صادف الثمن ناقصاً نقصان صفةٍ، قال: يكتفي به ناقصاً، ولا يرجع في مقابلة نقصان الثمن بشيء.
وهذا مشكل؛ فإن الذي ذكره الأئمة أن من وجد بالعين المشتراة عيباً، وتمكن من ردّها، فلو رضي بها، لم يرجع إلى أرش، فإنه كان متمكناً من الرد، فإن رضي، لم يرجع. فأما إذا كان العيب في عوض المسترد، فلو قُدِّر تلفُ العوض، لكان يرجع بمثله، أو قيمته، فإلزامه الرّضا بالثمن المعيب بعد الرد بعيد.
١٩٢٩ - ومما يتعلق بتحقيق القول في المسألة أنه إذا جرت حالةٌ توجب الاسترداد، فلا حاجة عندي إلى نقض الملك والرجوع فيه، بل ينتقض الملك، أو يتبين أن الملك في أصله لم يحصل، أو حصل ثم انتقض، وليس كالرجوع في الهبة؛ فإن الراجع بالخيار، إن شاء أدام ملك المتَّهِب، وإن شاء رجع. وليس لملك القابض وجهٌ إلا وقوعُ المقبوض عن جهة الزكاة، فإذا امتنع وقوعها عنها، زال الملك، ولو قدرنا وقوعها نفلاً -إذا لم تقع فرضاً- فموجب هذا امتناع الرجوع والاسترداد، وتفريعنا على ثبوت الرجوع.
(١) وفَرَ: بفتحات ثلاث، من باب (وعد) يتعدى، ولا يتعدى، ويأتي بتشديد الفاء مبالغة، تقول: وَفَرْتُ الشيء إذا أتممته وأكملته. (المصباح).