للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمخرَج يقع تطوعاً، وإن كانت نيته في التطوع مترددة. والأصل بقاء المال، ولكن يقع التطوع مجزياً مع هذا التردد وفاقاً.

والسبب فيه أن من يخرج الزكاة على ظن، فغالب أمره أنه لا يسترد ما قدمه، ويحتسب به أجراً، وهكذا سبيل تعجيل الزكاة، فمن الوفاء بتصحيح التعجيل الحكمُ بوقوع الصدقة نافلةً لو نواها على التقدير الذي ذكرناه.

فرع:

١٩٤٠ - له التفات على قواعد هذا الباب في الملك والتبيّن.

المريض إذا أعتق عبداً يستغرق ثلثَ ماله، ثم وهب منه بعد الإعتاق جاريةً وسلّمها، ووطئها المتَّهِب، وولدت له، ثم مات المريض، وردّ الوارث ما يزيد على الثلث (١)، فالعتق ينفذ لتقدمه، والهبة مردودة، والوارث يسترد الجارية، ويسترد ولدها رقيقاً، إذا كان الإعلاق على علمٍ بحقيقة الحال وحكمها، وقطع شيخي الجواب فيه، وهو كما قال.

وقد ذكرنا وجهين في أن الراجع في الزكاة المعجّلة عند طريان ما يقتضي الرجوع هل [يستردّ] (٢) الزاوئد؟ والفرق لائح، لا حاجة إلى تكلف إيراده، مع ما ذكرناه من نهاية البيان في تقرير قاعدة المذهب في الزكاة المعجلة.

فإن قيل: إذا حكمتم بأن الوارث إذا أجاز، فهو منفِّذ، وليس بمبتدىء في العطاء، فهل يحتمل إذا وقع التفريع عليه أن يقال: الملك في الجارية ينقطع بالردّ؟

قلنا: تحقيق ذلك سيأتي في الوصايا. ولكن إذا جرى هذا، فنقول: مبنى الرد والإجازة في الوصايا على الإسناد (٣)، فإذا ردت وصيته، فيتبين أن الملك لم يتمّ بها أصلاً، وإن كنا نرى الإجازة من الوارث تنفيذاً. والقول في هذا يتنزل منزلة القول في الهبة [تُنقض] (٤) قبل القبض.


(١) أي لم يجز الوصية بالزيادة على الثلث.
(٢) في الأصل، (ط)، (ك): يشترط.
(٣) كذا. ولعلها الاستناد. والاستناد عند الأصوليين هو أن يثبت الحكم في الزمان المتأخر، ويرجع القهقرى، حتى يحكم بثبوته في الزمان المتقدم، كالمغصوب، فإنه يملكه الغاصب بأداء الضمان، مستنداً إلى وقت الغصب. (كشاف اصطلاحات الفنون: ٣/ ٦٤٧).
(٤) في النسخ الخمس "تنقص" بالصاد المهملة، والمثبت من تصرف المحقق.