ولو وكل وكيلاً وفوض إليه النية، جاز. ولو نوى هو بنفسه، ولم يفوّض إلى الوكيل إلا التسليمَ إلى المتسحقين، جاز وحسُنَ. ولو نوى عند الصرف إلى الوكيل، ثم الوكيل بعد ذلك فرّق، ففي المسألة طريقان: من أصحابنا من قطع بإجزاء ذلك، وجعل اقتران النية بالتسليم إلى الوكيل، بمثابة اقترانها بالتسليم إلى المستحِق.
وقال صاحب التقريب: هذا يخرج على الوجهين المذكورين في أن تقدّم النية على الصرف إلى المستحِق هل يجوز أم لا؟ وهذا هو القياس، وليس الوكيل فيما ذكرناه كالوالي؛ فإن يد الوالي يدُ المساكين، بدليل ما تقدم ذكره من أنه لو تلف المخرج في يد الوالي من غير تفريطٍ، وقعت الزكاة موقعها، ولو تلف في يد الوكيل، فالزكاة واجبة في ذمة ملتزمها، والتسليم إلى الوكيل عند فرض التلف في بقاء الزكاة في الذمة، نازل منزلة ما لو ميز المالك ما يريد إخراجه إلى المستحقين، ثم تلف ما ميزه، فالزكاة باقية.
فرع:
١٩٥١ - الإمام إذا طلب زكاة الأموال الظاهرة، فامتنع مَنْ عليه الزكاة، فالإمام يأخذها قهراً، فإذا لم ينوِ من عليه الزكاة في امتناعه، فالطِّلْبة تنقطع عنه ظاهراً، ولكن هل تسقط الزكاة باطناً بينه وبين الله تعالى؟ فعلى وجهين مشهورين: وتوجيه وقوعها موقع الإجزاء يستمد من استقلال إجزاء الزكاة بالمقصود الأظهر، وهو سد الحاجة. فإن قلنا: لا تسقط الزكاة باطناً، فنية السلطان لا تكفي فيما يتعلق بالباطن.
وإن قلنا: تسقط الزكاة باطناً، فهل يجب على السلطان أن ينوي؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا؛ فإنا نُخَرِّج إجزاء الزكاة على تهوين أمر النية، وإسقاطها.
والثاني - يجب على السلطان أن ينوي؛ فإن الوالي فيما يليه من الزكاة بمثابة وليّ الطفل فيما يخرجه من الزكاة، من مال المولَّى عليه. والدليل عليه أن تفريع الباب واقع على اشتراط النية، ولو أخرج المالك زكاة ماله الباطن، من غير نية، لم يجزه ما أخرجه.
فإذاً تبيّن بما ذكرناه أن السلطان ينوي، وامتناع من عليه الزكاة يَرُدُّه مولياً عليه في