ولكن القول المعروف بقول الذمة معناه عندي، أن العبدَ إذا جنى، وتعلّق الأرشُ برقبته، فباعه السيّد قبل أن يفديه، ففي نفوذ البيع قولان. ثم إن حكمنا بنفوذ البيع، فيصير السيد ببيع العبد ملتزماً للفداء، فإن فداه، فيا حبذا، وإن لم يفده، فالمجني عليه ينقضُ البيعَ، فاعلم. فامتداد يد الساعي خارج على ما ذكرناه.
ولكن بين تعلق الزكاة وبين تعلق الأرش فرقٌ، على قول الذمة؛ وذلك أن السيد ليس مطالباً بالفداء أصلاً، إذا جنى عبده، ومالك المال متعبد شرعاً بالزكاة، مأمور بتأديتها، فلما نفذ البيعُ، وتوجه الأمر، أطلق مطلقون القول بأن الزكاة تتعلق بالذمة، على هذا الرأي. ثم إذا أُلزم هؤلاء امتدادَ يد الساعي، لم يجيبوا عنه.
فالوجه أن نقول: إذا نفذنا البيع في الجميع، فهذا خارج على أن بيع الجاني نافذ، والتعلق كتعلق الأرش، ولكن المالك متعبَّد بالزكاة مأمورٌ، بخلاف سيد العبد الجاني.
فهذا هو حقيقة هذا القول.
١٩٧٢ - فأما إذا قلنا: الزكاة تتعلق بالعين، ففي قول نقول: تتعلق تعلق الدين بالرهن، فيؤثّر هذا في منع البيع، في مقدار الزكاة، قبل تأديتها، على ما سيأتي مشروحاً.
وفي قولٍ: تتعلق تعلّق الأرش.
ثم قال الأصحاب: في نفوذ البيع في مقدار الزكاة قولان، مبنيان على بيع العبد الجاني.
وهذا تخليط في المذهب، مشعر بذهول مُورده عن حقيقة الكلام. وبيانُه أنا ذكرنا أن قول الذمة لا محمل له إلا على تجويز بيع الجاني، فهو المعنِيُّ [به](١) كما تقدم.
فإعادة القولين على قول العين خلطٌ، فلينصرف قول جواز البيع في الجاني، إلى قول الذمة، فلا يبقى لقول العين إلا واحدٌ، وهو أن بيع العبد الجاني ممتنع.