بالعين، ففي وجوب ذلك وجهان، مبنيان على أن الزكاة إذا وجبت في مال القراض، والتفريع على أن العامل لا يملك ما شُرط له قبل المقاسمة، فإذا أخرجت الزكاة منه، فمن أئمتنا من قال: سبيل الزكاة سبيلُ المؤن الواقعة في المال، فتحسب من الربح. ومنهم من قال: إخراجها بمثابة استرداد طائفةٍ من المال. فإن جعلناها كالمؤن، فلا يمتنع ألا نوجب على الراهن جبرَ النقصان إذا أيسر، وإن جعلناها كاسترداد طائفةٍ من مال القراض، فيتجه إيجابُ الجبران.
وما ذكره من الاحتمال متجهٌ، ولكن في البناء نظر، من جهة أن نفقات عبيد القراض من الربح، ونفقة المرهون واجبةٌ على الراهن.
والوجه أن نقول في تخريج الاحتمال: من رهن عبداً وسلّمه، فجنى جنايةً، وتعلّق الأرش بالرقبة، فلا يجب على الراهن أن يفديه، فلو سلّمه حتى بيع، لم يلزمه للمرتهن بسبب فوات الرهن شيء، والزكاة تثبت قهراً من غير اختيار الراهن، فكان لزومها كلزوم الأرش، ولكن مثار الاحتمال ما قدمناه في تمهيد تعلق الزكاة، وهو أن الأمر متوجه بتأدية الزكاة والتقرب بها على المالك، ولا يتوجه الأمر على السيد في الأرش، فقطعنا القول في الأرش بأنه لا يجب جبرُه للمرتهن. والزكاة من حيث إنها مأمور بها، والمالك مثاب عليها، فإذا اتفق أداؤها من مال الرهن وقعت (١) حقاً للراهن، فاتجه إيجاب الجبران عليه، وإن لم يكن وجوبها باختياره.
ثم ينتظم أن نقول: إذا فرعنا على قول الذمة، فهذا يشير إلى تغليب الخطاب، والأمرُ بإيجاب الجبران أوجَهُ.
وإن قلنا: الزكاة تتعلق بالعين، فهذا يشير إلى تضعيف تعلق الذمة من وجه، ثم قد يخطر للفقيه أنا إذا فرعنا على قول الاستحقاق والشركة، فذكر الخلاف في الجبران ظاهر، ولكن نفيه أوْجَهُ في القياس.