للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأخرى بدا فيها اشتداد الحب، وقد وقعت الزراعة على التواصل، فالضم بلا خلاف، ولو أدركت قطعة وقد بدا الحب في قطعة، ولم يبد التماسك والشدة [بعدُ] (١)، فهذا الآن كثمرة مطلَعة مع أخرى مدركة، فليبتدر (٢) الناظر الصور؛ فإن مدار الفصل عليها.

٢٠٥٢ - فإذا بان هذا الأصل في الزروع، عُدنا إلى شرح اللفظ الذي صدَّر الشافعي البابَ به. فقال: "الذرة تزرع مرة، فتحصد، ثم تستَخلِف، فتحصد مرة أخرى، فهو زرع واحد، وإن تأخرت [حَصْدَتُه الأخرى"] (٣) هذا كلامه. واختلف أئمتنا في الصورة التي أرادها (٥ الشافعي، فقال بعضهم: كلامه محمول على الذرة التي نسميها الهندبة (٤) إذا أخرجت سنابلها، فقطعت فتَشْعَب من أصولها أغصان وأخرجت سنابل، فالكل زرع واحد، والأخير مضموم إلى الأول.

ومنهم من قال: الصورة التي أرادها ٥) أن تتسنبل الذرة، فتشتد؛ فينتشر من سنابلها حبات، بتحريك الرياح، أو وقوع العصافير، فينبت منها زرع، فيُفرِك الأول، ثم يدرك الثاني من بعد.

ومنهم من قال: أراد إذا زرعت الذرة، فعلا بعضها، واحتوى على البعض، فبقيت الطاقات الصغار تحت الكبار مخضرة، فأدركت الطوال، ثم كبرت الصغار، وقد حُصدت الكبار.

فهذا بيان الصور.

٢٠٥٣ - ونحن نذكر اختلاف الأصحاب في كل صورة من الصور: أما الأول إذا حصدت السنابل، ونبت بعد الحصد أغصان، ثم لحقت وأدركت، فللأصحاب ثلاثةُ أوجه في هذه الصورة: أحدها - أن الثاني لا يضم إلى الأول وجهاً واحداً، وهذا


(١) مزيدة من (ت ١).
(٢) (ت ١): فليتدبّر.
(٣) في جميع النسخ الخمس: حصده الأخير، والمثبت من نص المختصر: ١/ ٢٣١.
(٤) الهندبة = الهندباء: بقل زراعي مُحول. (المعجم).
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ت ١).