للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما يتميز عنها بالاستعمال، فلا يلتحق الحُلي بالعُروض -وهو عين الورِق- إلا بقصد (١ ينضم إليه، وهذا يناظر -على العكس- الثيابَ وغيرَها من السلع؛ فإنها ليست أموال الزكاة في أعيانها، فمن اشترى شيئاً منها، ولم يقصد التجارة، لم يثبت حكمُ الزكاة، ولم يجر الحول، فإذا انضم قصدُ التجارة إلى صور الشراء، ثبت حكم الزكاة، فكما أن العُروض لا تدخل في الزكاة إلا بقصد ١)، كذلك الورِق والذهب بنفس الصنعة لا يلتحقان بالعروض.

فهذا قاعدة الكلام. والذي يوضح هذا: أن أئمة العراق، وغيرَهم قالوا: لو اتخذت المرأة حُلياً مباحاً للاستعمال، ثم نوت بعد ذلك أن تكسر الحلي، ولا تستعملَه، فإنه يجري في الحول.

فإن كنا نفرع على أن الحُليّ لا زكاة فيه، وهذا قطب الفصل ولبابه، فنتخذه معتبر الفصل، ويشهد لهذا ما ذكره الصيدلاني وغيرُه، من أن الزكاة تجب في أواني الذهب والفضة، على قولنا: لا زكاة في الحلي. فإن قلنا: لا حرمة لصنعة الأواني، فهي في الشرع كالتبر، وإن قلنا: لصنعتها حرمة، فلا يجوز استعمالها، فهي من حيث إنها لا تستعمل كالمكنوز من الحلي، فوضح بما ذكرناه أن الحلي لا تسقط الزكاة عنه بصنعته، وانصرافِه عن التهيّؤ للتصرف، ولا بد من قصد الاستعمال.

فإذا تقرر ذلك، قلنا: سقوط الزكاة مع قيام التبر في عينه في حكم الرخصة، والرخص لا تناط بالمعاصي، فإذا قصد استعمالاً محرماً، بطل قصدُه، وإذا بطل قصد الاستعمال -وقد ثبت أن عين صنعة الحلي لا تُسقط الزكاة- تعيّن إيجاب الزكاة.

فهذا بيان قاعدة المذهب.

٢٠٨٦ - ولو اتخذ الإنسان حلياً، ولم يقصد استعمالَه، لا في وجهٍ محظور، ولا في وجه مباح، ولم يقصد الكنز، فهذا فيه احتمال لائح، وفي كلام الأئمة إشارة إليه.

وقد جرى في أثناء كلام صاحب التقريب -ما يدل على أن الحليَّ المباح- على قول


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).