للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان يبلغ النصاب بكل واحد من النقدين، وكان التقويم بأحدهم أنفع للمساكين، تعين اعتبار الأنفع، وإن استوى النقدان، في النفع وبلوغ النصاب، فأوجه ثلاثة: أحدها - أن المالك يتخير فيهما.

والثاني - أنا [نردّ] (١) نظرنا إلى أقرب البلدان إلينا، فنقوِّم بالغالب في أقرب البلدان، ولا نزال نجول فيها بالفكر، حتى ننتهي إلى بلدةٍ يغلب فيها أحدُ النقدين، ثم إن وجدنا ذلك في بلدةٍ، لم نَعْدُها ووقفنا.

والوجه الثالث - أنا نقوّم بالدراهم؛ فإنها على الجملة أقرب من الدنانير، في شراء المستحقات (٢).

وذكر العراقيون وجها آخر: أن النقدين إذا استويا في الغلبة، وكان التقويم بأحدهما أنفع، فالخيار إلى المالك، حتى لو اختار غيرَ الأنفع، جاز.

وهذا لا يعدَم نظيراً في قواعد الزكاة، فإنا ذكرنا إن الخيار بين الشاتين والعشرين في الجبران إلى المعطي، ولا نظر إلى الأنفع، وذكرنا تردداً في مثل هذا الحكم، في اجتماع الحِقاق، وبنات اللبون، في المائتين.

ثم قال العراقيون: لو كان التقويم بأحدهما ينقصه عن النصاب، والتقويمُ بالثاني يبلغه، تعيّن الأخذ بما يُبلغه نصاباً، وإنما التخيير في تفاوتٍ يرجع إلى القيمةِ والنفع، مع وجوب الزكاة في الوجهين جميعاًً؛ إذ لا معنى للتخيير بين إيجاب الزكاة، وبين إسقاطها.

وذكر صاحب التقريب وجهاً آخر: وهو أن الواجب اعتبارُه بالدراهم إذا لم يكن الثمن في الأصل نصاباً من النقد، والسبب فيه أن الدنانير بالإضافة إلى الدراهم تكاد أن تكون عَرْضاً، من جهة أن صرف كسور الدنانير إلى المستحقرات عسر، ثم قال: فلو تردد العَرْضُ بين النقدين، وكان يساوي بالدنانير نصاباً، وينقص عن النصاب بالدراهم، فلا زكاة.


(١) ساقطة من الأصل، (ط)، (ك).
(٢) في (ت ١)، (ت ٢): المستحقرات. ولعلها أقرب إلى السياق وأولى.