للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السببين يرفع المتقدم، ويتجرد قولاً واحداً، ومنهم من قال: المتقدم يمنع المتأخر قولاً واحداً. والفريقان يقولان: صورة القولين إذا وقع السببان معاً، والصحيح طرد القولين في الطارىء أيضاًً. ولكن يحتاج هذا إلى فضل بيان.

٢١٢٣ - فنقول: إذا اشترى أربعين من المعلوفة للتجارة، ومضت ستة أشهر، وأسامها، واطرد السوم فيها؛ فإن قلنا في اقتران السببين: المغَلَّبُ زكاة التجارة، فلا كلام. وإن قلنا: المغَلَّبُ زكاة العين، فإذا مضت ستة أشهر من وقت شراء الأصل، فأسام، ثم مضت ستة أشهر من وقت الإسامة، فقد تم حول التجارة، ولم يتم حول العين، والتفريع على تغليب زكاة العين، ففي هذه الصورة خلاف: من أئمتنا من قال: نوجب في آخر حول التجارة زكاة التجارة، ونعطل الأشهر الستة الأخيرة من حساب السوم، ثم نبتدىء حولَ السوم وزكاة العين من منقرض سنة التجارة.

ومنهم من قال: نبتدىء من وقت الإسامة حولَ زكاة العين، فإذا مضت سنة من وقت الإسامة، وجبت زكاة العين، وعلى هذا تتعطل الستة الأشهر المتقدمة على الإسامة.

٢١٢٤ - ومما يتعلق بما نحن فيه: أنا إذا رأينا تقديمَ زكاة التجارة، وقد اشترى أربعين من الغنم السائمة، ومضت سنةٌ من وقت الشراء، والسوم دائم، ثم قوّمنا الأربعين، فلم تبلغ قيمتُها بالنقد نصاباً، فلا وجه لإيجاب زكاة التجارة. وهل تجب زكاة السوم في هذه الصورة؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا نوجب زكاة السوم؛ فإنا أسقطنا حكمها على القول الذي نفرع عليه، فلا نرجع إليها.

والوجه الثاني - أنا نوجب زكاة العين في هذه السنة، وذلك أن سببي الزكاتين قد اجتمعا، وعسر الجمع بينهما؛ إذ ازدحما، فإن قدمنا أحدهما، فليس ذلك إسقاطَ الثاني أصلاً، ولكنه تقديمٌ، وهو بمثابة ما لو قتل رجلٌ رجلين على ترتيب؛ فإنه يُقتل بالأول، ولأولياء الثاني الدية. فلو عفا أولياء الأول، ثبت حق الاقتصاص لأولياء الثاني؛ فإن القصاص كان ثابتاً في حق القتيل الثاني، ولكن قدّم الأول، فإذا سقط، فحق الثاني ثابت، وقياس هذا بيّن في الأصول، لا إشكال فيه.