ولو ملك الرجل نصاباً زكاتياً، وكان عليه دين، وكان يملك من العقار وغيره من صنوف الأموال، ما يؤدي به الدين، فالذي قطع به أئمتنا في الطرق أن الدين لا يمنع تعلّق الزكاة في هذه الصورة.
ومذهب أبي حنيفة أن الزكاة لا تجب في هذه الصورة، وقد ذكر شيخي تردداً في هذه الصورة؛ أخذاً مما ذكرناه؛ فإن مستحق الدين يجب عليه الزكاة، بسبب المال الزكاتي، فلو وجبت الزكاة على مالك المال، لأدّى إلى إثبات زكاتين بسبب مالي واحد.
وهذا بعيد لا أعدّه من المذهب.
٢١٣٨ - ومما يتفرع على هذا القول أن الدين إذا لم يكن من جنس المال الزكاتي، مثل أن يكون المال نصاباً من النعم، والدين دراهم، أو كان المال دنانير، والدين دراهم، فالأصح المنع.
٢١٣٩ - ومما ذكره بعض المصنفين أن الشافعي نص في القديم على أن الدين لا يمنع تعلق الزكاة بالأموال (١ الظاهرة، ويمنع تعلقها بالأموال ١) الباطنة، وقال: من أصحابنا من جعل هذا قولاً ثالثاً، وهذا لا اتجاه له.
والصحيح عندنا، أن المراد بهذا أن من ادّعى أن عليه ديناَّ -وإنما ذكر هذا لتسقط الزكاة- فالإمام لا يصدّقه في زكوات الأموال الظاهرة، وأما الأموال الباطنة، فالإمام لا يتولّى، أخذَها، فإذا علم الإنسان أن عليه ديناً، وقلنا: الدين يمنع تعلق الزكاة بالعين، فلا يلزمه إخراج الزكاة.
وهذا فيه نظر. فإن قلنا: إن الدين يمنع تعلق الزكاة، واعترف صاحب المال بدين، فالظاهر عندي تصديقه، كما يصدق في ادعاء انقطاع الحول، أو غيره، مما سبق تقريره، فإن المالك مؤتمن فيما يدّعيه من الممكنات، وهذا في الدين أظهر؛ فإن إقراره بالدين ثابت، وهو مطالب بموجبه.