للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر الشيخ في التفريع على ما ذكره ابن الحداد وجهاً، وذلك أن المشتري يقول: قد وجبت الزكاة في مالية الدار، فتَخرج الزكاة منها، ثم يكون ذلك بمثابة نقصان في صفة الشقص المبيع، فالشفيع يأخذه إن أراد بعد الزكاة، بتمام العشرين كما لو نقص الشقص بآفة سماوية، وهذا خرجه على الأصل الذي ذكرناه في الفرع المتقدم على هذا، وهو أن العشر إذا أُخرج من التركة، فالوارث لا يجبره، وتكون الزكاة كالمؤنة والنفقة.

وهذا الوجه في هذه المسألة ضعيف عندي؛ فإنه إن اتجه في تلك المسألة ما تقدم؛ من جهة أن الورثة لم ينتسبوا إلى شيء لأجله وجب العشر في الثمار، والمشتري لما قصد التجارة، فسبب وجوب الزكاة قصدُه، فحَسْبُ (١) نقصان الزكاة التي وجبت بسبب قصده على الشفيع بعيدٌ، وقد نجز غرض [الفرع] (٢).

فرع:

قال في الكبير (٣): "لو باع ثمرةً قبل بدو الصلاح ... إلى آخره".

٢١٥٩ - نقل الصيدلاني هذا النص عن الكبير، ونحن نصوّر موضعَ النص أولاً، ثم نستوعب تفصيل المذهب فيه.

إذا أثمرت نخيلُ إنسانٍ، فباع الثمار قبل بدوّ الصلاح، مطلقاً؛ من غير شرط القطع، فالبيع باطل عندنا، والثمار باقية على ملك البائع، فإذا بدا الصلاح في يد المشتري، فيده ليست يد استحقاق، والعشر يتعلق بعين الثمار -على ما تقدم تفصيل التعلق- والبائع متعبد؛ فإنه المالك، والبيع فاسد، فلو أتلف المشتري الثمارَ، ثم أفلس البائع، وحجر عليه، وأحاطت الديون به، فقد تقدم في باب الثمار اختلافُ


(١) حَسَبَ الشيء عدّه من باب نصر. وحساباً أيضاًً.
(٢) في الأصل، (ط): الفرض.
(٣) "الكبير" المراد به "المختصر الكبير للمزني" جمع فيه نصوص الشافعي رضي الله عنه على نحو ما فعل في المختصر الصغير المعروف، وقال ابن الصلاح تعليقاً على هذا النقل في وسيط الغزالي: "المزني رحمه الله له (المختصر الكبير) وهو كالمتروك، و (المختصر الصغير) وهو هذا المختصر المشهور المعروف "بمختصر المزني" الذي أكثر تصانيف الأئمة شروح له" (ر. مشكل الوسيط لابن الصلاح، مطبوع بهامش الوسيط: ٢/ ٤٧٠).