للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال الشافعي: "ولو اشتراها قبل بدو الصلاح على أن يجُدَّها ... إلى آخره" (١).

٢١٦٢ - هذه الصورة مصوّرة في بيع يصح، وبيانها أن يشتري الثمارَ قبل بدوّ الصلاح، على شرط القطع، فيصح البيع، فلو لم يتفق القطع وفاء بالشرط، حتى بدا الصلاح، فالزكاة تجب لا محالة، وإن وجبت، فالقطع يُبطل حق المساكين من الثمر المتوقع، ثم إذا أبقينا الثمار، كان ذلك خروجاً عن الشرط المستحق في العقد، فيعسرُ الأمرُ في ذلك قطعاً وإبقاء.

٢١٦٣ - فأول ما نصفه في ذلك اختلاف القول في أن الفسخ هل يثبت أم لا؟ فعلى قولين: أحدهما - أن الفسخ يثبت؛ فإن العقد تعذر إمضاؤه لما تقّدم، وكل عقد يتعذر إمضاؤه، فيثبت فيه الفسخ.

والثاني - لا يفسخ؛ لأن سبب التعذر طارىء فيه، بعد لزوم العقد، وتسليم الثمن إلى المشتري.

فإن قلنا يثبت الفسخ، ففي المسألة قولان: أحدهما - أن العقد ينفسخ كما (٢) بدا الزهو، من غير حاجةٍ إلى إنشاء فسخ؛ فإن هذا سبب التعذر، فنفسه يوجب الانفساخ، وهذا القول سيأتي في كتاب البيع، في أن من اشترى حنطة، فانثالت على حنطة أخرى قبل التسليم، فنقول: في قولٍ نفسُ هذا يوجب انفساخ البيع، والأصح أن العقد لا ينفسخ، ولكن للبائع حق الفسخ فيه، فإن اختاره، نفذ، وإلا ْبقي العقد، ثم إن حكمنا بالفسخ، أو الانفساخ، فالتفريع: إن قلنا بالانفساخ، نفذ الفسخ، وارتفع العقد، سواء رضي المتعاقدان بتبقية الثمار، أو طلب البائع الوفاء بالقطع؛ فإن الانفساخ متعلق بصورة الحال، لا يتوقف على تراضيهما،


(١) ر. المختصر: ١/ ٢٤٩.
(٢) "كما" بمعنى (عندما).