للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢١٩١ - فأما الكلام في مكانه، فإن وجدها واجدها في مكان جاهلي، عليه آثار الكفر القديمة، فهذا كنز، في حقه، وكذلك إن صادفها واجدها في مواتٍ، ليس عليه أثر الإحياء.

فأما إذا كان في موضع، عليه أثر عمارة الإسلام، فنقدم على ذلك أصلاً، ونقول: من أحيا أرضاً ميتة، وملكها بالإحياء، فإذا فيها كنز جاهلي، صار محيي الأرض أولى به.

كذا ذكره الأئمة. ثم هذا يخرج على أصلٍ سيأتي في موضعه وهو أن ظبيةً لو دخلت دار إنسان، فأغلق صاحبُ الدارِ البابَ، فإن قصد بذلك ضبطَ الظبية، ملكها، وإن جرى منه الإغلاق على وِفاقٍ، من غير [قصد]، فهل يصير مالكاً للظبية بصورة الإغلاق؟ فيه وجهان. [والأظهر] أنه لا يملك، لعدم القصد. كذلك من أحيا أرضاً، [ولم يتعرض للكنز]، فلا يصير مالكاً لعين الكنز، ولكن يصير أولى [به من غيره.

ومما تعرض] له الأئمة في هذا، أن من أحيا أرضاً، ثم باعها، فإذا فيها كنزٌ، فهو مردود على من أحياها، ولو تداولتها الأيدي، لم يملكوها، وهي مردودة إلى من أحيا. وللكلام في هذا مجال.

فإذا قلنا: من أغلق باب داره، لم يملك الظبية، إذا لم يكن قصدٌ، فلو فتح البابَ، وانطلقت الظبية، واصطادها إنسان، [ملكها] (١)، فلا يبعد أن يقال: من أحيا أرضاً، وفيها كنز، فيصير أولى بالكنز، حتى لا يؤخذ والأرض في يده. فإذا زال ملكه، وبطل اختصاصه برقبة الأرض، فلا يبعد أن يقال: ينقطع اختصاصه بالكنز. وما قيل من (٢) بقاء حقه يخرج على أنه يملك الركاز بالإحياء، على مذهب من يرى مغلِقَ الباب من غير قصد مالكاً للظبية.

فليتأمل الناظر ما ذكرناه في ذلك.

٢١٩٢ - وتحصل منه أن كون الركاز مالاً جاهلياً، لا بد منه، فأما كونه في مواتٍ، أو مكانٍ جاهلي، فليس شرطاً فَي كونه كنزاً؛ فإن من أحيا مواتاً وفيه كنز، وتمادى


(١) في الأصل: فملكها.
(٢) ط: في.