للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: أما الخروج لقضاء الحاجة، فقد ذكرنا: أنه لا يؤثر في قطع التتابع، ونقول الآن: إنه معتدٌّ به حتى إذا اعتكف الرجل أياماً، ولو جمعت أوقات خرجاته، لبلغت يوماًً أو بعض يوم، فلا نقول: يجب تداركها. اتفق الأصحاب عليه، حتى قال طوائف من المحققين: إن الخارج لقضاء الحاجة معتكف، وإن لم يكن في المسجد، واستدل هؤلاء بالاعتداد بهذا الزمان، وكان من الممكن أن لا يعتد بها، وإن كان يُحكم بأن التتابع لا ينقطع.

واحتج هؤلاء أيضاًً بأن الخارج لقضاء حاجته [لو] (١) جامع، فسد اعتكافه. وكان من الممكن أن يقال: لا يفسد، ويُعدّ الجماع الواقعُ منه بمثابة الجماع الواقع [منه] (٢) ليلاً في الصوم المتتابع.

وقال قائلون: ليس الخارج معتكفاً، ولكن زمان خروجه مستثنىً، وكأن الناذر قال: لله عليّ اعتكاف عشرة أيام، إلا أوقاتَ خروجي لقضاء الحاجة، وأما الجماع، فقد حمله هؤلاء -في كونه مفسداً- على اشتغال الخارج بما لا يتعلق بحاجته، وقد نقول: لو عاد مريضاً، ينقطع تتابعُه. وإن كان خروجه لقضاء الحاجة على ما نفصله، حتى لو فرض الوقاع مع الاشتغال بقضاء الحاجة -على بعدٍ [في] (٣) التصوير- لم يفسد الاعتكاف. وهذا بعيدٌ، والصحيح أنه يفسد الاعتكاف- وإن (٤) فرعنا على أنه غير معتكف؛ فإنه (٥) عظيمُ الوقع في الشريعة، وهو [وإن] (٦) قرب زمانه أظهر أثراً من عيادة مريض.

وقد ذكر أئمتنا أن الخارج لقضاء حاجته إن عاد مريضاً في طريقه، فلم يحتج إلى


(١) الأصل، (ك): أو.
(٢) مزيدة من (ط).
(٣) مزيدة من (ط).
(٤) (ط): فإن.
(٥) الضمير يعود على الجماع، كما صرح الرافعي في فتح العزيز: ٦/ ٥٣٣ حيث نقل نفس العبارة. والفاء متعلقة بـ (يفسد) تعليلاً.
(٦) مزيدة من (ط) وعبارة الأصل، (ك): وهو أنه قرب زمانه.