للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناذر لزوم المعتكَف في الليل. والليلُ إذا لم يلزم اعتكافه، فتخلله كتخلل الليالي، بين الصوم المتتابع، وما ذكره منقاسٌ حسن.

٢٤١٠ - ومما ينكشف به الإبهام: أن الأصحاب ذكروا وجهين، في الأيام إذا ذكرت: أن (١) الليالي هل يُستَحق الاعتكافُ فيها؟ وهذا إنما أخذه، مَن أخذه، من ظن الناس أن الأيام إذا أطلقت في التواريخ، على صيغة الجمع، أريد بها الأيام بلياليها، وهذا غير منتظم؛ فإن الإنسان إذا قال: أقمتُ عند فلانٍ أياماًً، وكان يفارقه بالليالي، فما قاله صدقٌ، منتظمٌ، لا تلبيس فيه. نعم إنما يتوقع طلبُ توَلُّج الليل إذا جرى في الكلام إشعارٌ بالتتابع، بحيث يُفهم تواصلُ أزمانِ الإقامة. وإذا كان كذلك، فتتخلَّلُ ليالٍ (٢).

ولكن إذا افتتح الإقامة مع أول نهارٍ، وخرج مع غروب الشمس يومَ الثالث، فهو مقيمٌ [ثلاثة] (٣) أيام متواصلة، ويكفي في الوفاء بالتواصل ليلتان، فلا وجه لاشتراط الليالي على عدد الأيام، وكذلك يكفي في العشر (٤) تسعُ ليالٍ، على نحو ما صورناه؛ فينقص عدد الليالي، التي بها تواصل الأيام، عن عدد الأيام المذكورة بواحدة. هذا لا بد منه، إن كان الرجوع إلى التواريخ.

ئم إذا قال: أعتكف ثلاثةَ أيامٍ، فقد حمل بعض الأصحاب ذلك على التواصل، واعتقد الظهور فيه، وموجَبُ التواصل تولّجُ الليالي، وعلى هذا يظهر تخريجُ ابنِ سريج في أن إطلاق نذرِ اعتكاف الأيام يقتضي التتابعَ.

والأظهر أنه لا يلزم التواصل، لتردد الكلام فيه، وإذا تردد، ولم يكن نصَّاً صريحاً، ولا منوياً، فالإلزام مع التردد، محال.

وإن صور مصور ما يقتضي التواصل، فهو مضطرٌّ إلى تصوير قرينةِ حالٍ في أمرٍ


(١) (ط): وأن.
(٢) فاعل (فتتخلل).
(٣) في الأصل، (ك): تلزمه. (وهو تصحيف واضح).
(٤) المعدود مذكر (الأيام) ولكن جاز في لفظ (العشر) التذكير على اعتبار تقدم المعدود، كما هو معروف.