للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النذور -إن شاء الله تعالى- وهما مأخوذان من أصلٍ، وهو أنا هل نتبين بقدومه في اليوم أن الصوم كان مستحقاً من أوله؟ أم ننظر إلى ما يستعقبه القدوم، ولا نلتفت إلى سابقٍ في تقدير الوجوب؟ فإن بنينا الأمرَ على التبيُّن، فيلزمه قضاء يوم، وإن نظرنا إلى ما يستعقبه القدوم، فصومُ يومٍ بعد القدوم [محال] (١)، فكان كما لو قدِم ليلاً. وليس من غرضنا تفصيل هذا.

٢٤١٣ - ولكن. لو قال: لله عليّ أن أعتكف يوم يقدَم (٢) فلان، فقدِم نصفَ النهار، فيجب على الناذر اعتكافُ بقية النهار وفاقاً، وهل يجب عليه اعتكافُ نصفِ يومٍ لينضم إلى ما جاء به، فيكمل يوماًً؟ هذا خارج على القولين في وجوب القضاء في الصوم، فإن أوجبنا القضاء ثَمَّ، أوجبنا هاهنا تكملةَ البقيةِ من يوم آخر، وإن لم نوجب القضاء ثَمَّ، اكتفينا بالاعتكاف في بقية النهار، الذي قدم فيه.

ثم إن المزني قال: وأحب أن يستأنف اعتكافَ يومٍ، حتى يكون اعتكافه متصلاً. وقد قال أئمتنا: هذا غلط؛ فإن الاعتدادَ بما جاء به لا بد منه، وإذا اعتُدَّ به، فلا معنى لأمره باعتكافِ يومٍ كاملٍ، بسبب ما قدّمه من لفظه، لا على الاستحباب، ولا على الإيجاب.

وذكر شيخي في دروسٍ: أن من أصحابنا من لم يوجب الاعتكافَ، في بقية النهار أيضاًً؛ تخريجاً على أن النهار لا يتبعض، بتقدير تفريق الساعات، وهو قد ذكرَ اليوم، واعتكافُ يومٍ بعد قدومه غيرُ ممكن، إلاّ على نعت التقطيع.

والفكر لا نهاية له. ولكن الفقيه يقتصر منه على مسلك الحق، ويطّرح ما عداه.

٢٤١٤ - ثم قال الشافعي: " ولا بأس أن يلبس المعتكف والمعتكفة " (٣) ولا خفاء بما ذكره، وغرضه أن الاعتكاف لا يحرم ما يحرمه الإحرام، وعلى هذا لا بأس أن ينكح، ويُنكح.


(١) زيادة من (ط).
(٢) بفتح الدال: من باب تعب.
(٣) ر. المختصر: ٢/ ٣٨.