للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما لم نفرد كلاً منها بحديثٍ لأمرين:

أ- أنه لم يصنف فيها مؤلفات وكتباً.

ب- إيثاراً للإيجاز والاختصار.

ولكن الذي نريد أن نعود إليه ونبسط القول فيه هو علمه بالحديث، فقد ظُلم في هذا الجانب ظلماً بيناً (١)، وقيل عنه: " إنه لا يُعتمد عليه في هذا الشأن " (٢) وقيل عنه: " إنه كان لا يدري الحديث لا متناً ولا إسناداً كما يليق به " (٣) وقيل عنه: " ... كان قليل المعرفة بالآثار النبوية، ولعله لم يطالع الموطأ بحال، حتى يعلم ما فيه، فإنه لم يكن له علم بالصحيحين: البخاري، ومسلم، ولا سنن أبي داود، والنسائي، والترمذي، لم يكن له بهذه السنن علمٌ أصلاً، فكيف بالموطأ ونحوه ... وإنما كان عمدته سنن أبي الحسن الدارقطني " (٤) ... ، وقيل عنه: " إنه عديم المراجعة لكتب الحديث المشهورة، فضلاً عن غيرها " (٥). هذا فيض من غيض قيل في هذا الصدد.

ولقد تتبعت كثيراً، من هذه العبارات، وعايشت المؤلفات التي وردت فيها طويلاً، حتى أحسست روحَها، وشممت أنفاسَها، وسمعت حسّها وجرسَها، مثلما وزنتُ هذه الأقوال وراجعت دليلها وحجتها، فتأكد لي أن مصدر هذا أمران:

أحدهما: أن بعض القائلين ينقل عن بعض، حتى يفشو الكلام، ويصبح بالتكرار والاستفاضة من المسلمات والبديهيات التي لا تحتاج إلى دليل.

الثاني: أن بعضاً آخر من أصحاب هذه الأقوال عنده نوع تحامل على إمام الحرمين، يبعث على ذلك التحامل اختلافٌ في المذهب، والمنهج، وبخاصة في المذهب الكلامي.


(١) انظر الفصل السادس من هذه المقدمات.
(٢) مشكل الوسيط لابن الصلاح بهامش الوسيط: ٦/ ٥٢٩.
(٣) سير أعلام النبلاء: ١٨/ ٤٧٠.
(٤) فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية: ٥/ ٢٩٩ طبعة دار المعرفة.
(٥) تلخيص الحبير: ٢/ ٥٠ حديث ٥، ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>