للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحرامٌ، وصرفٌ إلى جهةٍ، فإذا بطلت الجهة المعيّنة، بقي الإحرام.

وفي بعض التصانيف أن من أصحابنا من يقول: المحرم بالحج قبل أشهر الحج بالخيار: إن شاء صرفه إلى العمرة، جرياً على ما ذكرناه في الإحرام المعقود على الإبهام، فإنْ صرفه إلى العمرة، كانت عمرةً صحيحة، وإن لم يصرفه إليها، تحلل بعمل عُمرة. وهذا فيه بعض البعد؛ فإن الإبهام إنما يحسن عند تحقق التردد بين النسكين، ومثار هذا الإشكال من إحرامٍ ليس حجاً، ولا عمرة.

وبالجملة: لا بأس بهذا الوجه الذي حكيناه.

وهذا منتهى قولنا في وقت الحج.

٢٤٦٨ - فأما العمرة، فلا وقت للإحرام بها، وجميع أوقات السنة صالحٌ للإحرام بها. وهي من وجهٍ كالتطوعات التي ينشط المرء لها.

ولكن في اليوم والليلة ساعات يكره إقامة التطوعات فيها، وليس في السنة وقتٌ يكره الإحرام بالعمرة فيه عندنا. فكلُّ (١) [متخلٍّ] (٢) عن النسك، يبتدئ الإحرام بالعمرة، إلا الحاج العاكف بمنى، فالمعرّج على الرمي، والمبيت، فإنه يتحلل عن الحج التحللين. والأصحاب مجمعون على أنه لو أحرم بالعمرة في وقته هذا لم ينعقد إحرامه بها، فإن ما يأتي به بعد التحللين من مناسك الحج، فامتنع من الاشتغال بها الإحرامُ (٣) بالعمرة، وكان من حق تلك المناسك ألا تقع إلا في زمن التحلل، وأيام التطيب، والبعال، والتحلِّي (٤) مستحق في إقامتها، كما يمتنع الصوم فيها، على الأصح.

...


(١) (ط): فهل.
(٢) في الأصل، (ك): متحلل. والمعنى واحد: أي خالٍ عن الإحرام بالنسك.
(٣) فاعل " امتنع "، والمعنى أن المقيم بمنى، وإن كان خالياً من علائق الإحرام بالتحللين، إلا أنه مقيم على نُسك، مشتغلٌ بإتمامه، وهو الرمي والمبيت، وهما من تمام الحج؛ فلا تنعقد عمرته ما لم يكمل حجه (قاله أبو محمد في كتابه (الفروق) ونقله عنه النووي في المجموع: ٧/ ١٤٨).
(٤) (ط): والتخلي.