للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكفارة، ومن تحرم بالعمرة في رمضان، ليس مرتكباً نهياً، ولا مخالفاً أمراً، فتقديره مسيئاً، لا وجه له. والمتمتع إذا تجمعت له الشرائط، ليس مسيئاً، ولكنه مُزاحِمٌ للحج، ورابحٌ ميقاتاً، فكان السببان مقتضيين للدم، مع الترخيص في الإقدام على موجِب الدم.

ومن هذا ينشأ اختلاف العلماء في أن دم التمتع دمُ جبران، أو دمُ نسك، فرآه الشافعي دمَ جبران، ومعتمده في تصوير النقصان المحوِج إلى الجبران المزاحمةُ ورِبح ميقات.

وقال أبو حنيفة (١): إنه دم نسك، وإنما حمله على ذلك، أنه لم ير في أعمال التمتع نقصاناً، يقتضي جُبراناً. فليفهم الناظر وقع الكلام. هذا قولينا في شرط واحد من شرائط التمتع.

[الشرط الثاني] (٢)

٢٤٧٣ - والثاني أن يقع الحج والعمرة في سنةٍ واحدة، فلو اعتمر الغريب من ميقاته، ولم يحج في تلك السنة أصلاً، وأقام بمكة، وحج في السنة القابلة؛ فإنه ليس متمتعاًً، ولكل سنة حكمُها، وما أجريناه في أثناء الكلام من مزاحمة الحج بالعمرة، فهو مشروط باتفاق الجج في تلك السنة. وهذا كما أن المسيء من يمرّ على الميقات ناوياً نسكاً، مع ترك حق الميقات، فإذا جمعت السَّنةُ العمرةَ والحجَّ، وتقدمت العمرة، كان ذلك خلاف النظم المألوف، في النسكين.

ثم الغريب إذا دخل مكة معتمراً، وحج في السنة القابلة، فهو مفردٌ [غير] (٣) مسيء بلا خلاف. ولو أقام بمكة، سنين، وكان يحج كل سنةٍ، من مكة، فلا إساءة، ولا دم؛ فإنه ينشئ الحج، كل سنة، من ميقاتٍ، هو عاكف عليه. وهذا لا خفاء به.


(١) ر. بدائع الصنائع: ٢/ ١٧٤، البحر الرائق: ٢/ ٣٨٧، حاشية ابن عابدين: ٢/ ١٩٣.
(٢) زيادة من عمل المحقق.
(٣) مزيدة من (ط).