للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاعتمر عن مستأجِرِه من ميقات جهته، ثم أحرم بالحج من جوف مكة عن نفسه، فلا يكون متمتعاًً.

وهذا خيال فاسد، مشعرٌ بخلوّ صاحبه عن مدار الباب، وحقيقتِه، فحق مسائل الباب أن تُتلقى مما قدمنا ذكره، من مزاحمة الحج بالعمرة، في الميقات الذي إليه الانتهاء، مع ربح أحد الميقاتين، كما قررناه. ولا أثر [بعد] (١) هذا لوقوع النسكين عن شخصٍ، أو شخصين.

ثم إذا جرينا على الأصح، فهو متمتع.

٢٤٨١ - وإن لم نجعله متمتعاً، فهل نجعله مسيئاً، حتى نُلزمه دم الإساءة؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه مسيءٌ، ملتزمٌ؛ فإنه مُخلّ بالترتيب، مُخْلٍ ميقاتَه البعيد، عن نسك الحج، مع إمكانه. والثاني - إنه ليس بمسيء؛ فإنه لم يُخْلِ ميقاتاً عن نسك، وقد ذكرنا قريباً من هذا: الخلافَ فيه إذا أوقع العمرة في رمضانَ، ثم أحرم بالحج من جوف مكة، فليس هو متمتعاًً. وهل يلزمه دم الإساءة؟ فعلى خلافٍ قدمناه.

والأصح في الصورة المتقدمة أن لا يلزم الدم؛ فإنه قد أحيا الميقات بعمرة، حين لم يكن الحج والإحرام به ممكناً، فلم ينتسب إلى تقصير. وفي المسألة الأخيرة قد أتى بالعمرة في وقت إمكان الحج، ثم أخل بشرائط التمتع، [فإذا لم يجب دم التمتع] (٢) فيبعد أن لا يجب شيء آخر. فإن لم نجعله مسيئاً، فلا كلام، ولا ينقدح من ترك الشرط إلاّ فواتُ فضيلة التمتع، إن جعلناه أفضل -في قول- من الإفراد. وإن جعلناه مسيئاً، فلا يلزمه إلاّ دمٌ.

ويبقى فرقان: أحدهما - أنا لا نلزم المتمتع الرجوعَ إلى الميقات، ونلزم المسيء ذلك؛ فإن لم يفعل جَبَر ما تركه بدم. والآخر- أنه تاركٌ فضيلةَ التمتع، على ما ذكرناه.

وتمام البيان في ذلك: أنه إذا عاد إلى الميقات -على قولينا: إنه مسيء- ففي


(١) في الأصل، (ك): مع.
(٢) زيادة من (ك).