للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرها رؤيةَ وبيص المسك بعد الإحرام.

٢٥٣١ - ولو استعمل طيباً مجسماً، ثم أحرم وعرِق، وتنحى الطيب عن محله، فهل يؤاخذ بذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يؤاخذ به، فإن الجزء الذي انتقل الطيب إليه بعد الإحرام جزءٌ صادفه طيبٌ، بعد تحريم الطيب بسبب الإحرام. ثم هذا القائل يقول: يلزم أن يبتدره المحرم، ويزيلَه ويكون ما جرى بمثابة طيب يصيب بدنَ المحرم، من غير قصد منه، فالذي عليه فيه أن يبتدر إزالته، فإذا فعل ذلك، لم يلزمه شيء.

والوجه الثاني - أنه غير مؤاخذ بما يجري؛ فإن التطيب جرى سائغاً، فلا حكم للانتقال بعده، والطيب كالمستهلَك في حق الإحرام إذا تقدم استعماله عليه، ويشهد لذلك استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسكَ، في مفارقه صلى الله عليه وسلم. والظاهر في الحجاز تنقل الطيب، وسيلان العرق به.

٢٥٣٢ - ولو طيب المحرم قبل الإحرام إزاره، أو رداءه، وتوشّح أو اتزر، ثم أحرم، فحاصل ما قيل فيه ثلاثة أوجه: أحدها - أن ذلك يسوغ، كما يسوغ تطييب البدن. والثاني - لا يجوز؛ فإن الطيب يبقى على الثوب، ويمّحق على البدن.

والثالث - أنه إن لم يكن عينٌ، فلا بأس به، وإن كان الطيب عيناً، لم يجز، وكان ذلك بمثابة ما لو شدّ مسكاً على طرف إزاره، وكان يستديمه، فهذا ممتنعٌ، وفاقاً.

والأصح أنه لا يمتنع تطييب الثوب، ولا خلافَ أنه لو كان يقصد تطييب بدنه، فتعطر ثوبه تبعاً، فلا حرج.

ولو عطر ثوبه، وجوزنا ذلك على الأصح، ثم نزعه ومحاه، ثم عاد إليه ولبسه، وهو بعدُ عَطِرٌ، ففي المسألة وجهان- أحدهما - المنع؛ فإن اللبس الجديد بعد (١) الإحرام في حكم إنشاء تطيب. والثاني - لا بأس، فإنه استعمل الطيب قبل الإحرام، فصار كالمستهلك، فلا مبالاة به، كيف فرض الأمر. ومحل الوجهين فيه إذا طيب


=يوسف، وكره محمد ذلك، قال الطحاوي في مختصره: " وفول محمدٍ عندنا أجود، وبه نأخذ " (ر. مختصر الطحاوي: ٦٢، البدائع: ٢/ ٤٤).
(١) (ط): بهذا الإحرام.