للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ذهبنا نتتبع الإشارات والتأكيدات لضرورة الالتزام بهذا المنهج، لأعيانا الحصر والعد، وضاقت الأوراق، وكلّت الأقلام.

٨ - الإيجاز والميل إلى الاقتصاد في غير مقصود الكتاب:

هذه السمة من سمات المنهج كالتي قبلها، لم نصل إليها بالملاحظة والاستقراء لمؤلفاته وآثاره فحسب، ولكنه يعلن عنها صراحة، ويؤكد التزامه بها بوضوح فيقول:

" ... على أني آتي فيها بالعجائب والآيات، وأشير بالمرامز إلى منتهى الغايات، وأوثر الأيجاز والتقليل، مع تحصيل شفاء الغليل، واختيار الإيجاز على التطويل، بعد وضوح ما عليه التعويل " (١).

ويقول عندما يقتضيه الموضوع البسطَ والإطالة: " وعلى المنتهي إلى هذا الموضع أن يقبل في هذه الإطالة عذري، ويحسِّن أمري " هكذا يعتذر إلى قارئه حينما شعر أنه خالف منهجه في التزام الإيجاز، فيمهد عذره قائلاً: " فقد انجرّ الكلام إلى غائلة، ومعاصة هائلة، لا يدركها أولو الآراء الفائلة، والوجه عندي قبض الكلام فيما لا يتعلق بالمقصود والمرام، وبسطه على أبلغ وجه في التمام فيما يتعلق بأحكام الإمام، وفيها الاتساق والانتظام " (٢).

ويكرر هذا المعنى نفسَه قائلاً: " فالوجه البسط في مقصود الكتاب، وإيثار القبض فيما ليس من موضوعه، وإحالة الاستقصاء في كل شيء على محله وفنِّه " (٣).

هكذا حينما تُعوص المشكلة، وتغمض المسألة، لا يتردّد في البسط والتفصيل، أما عندما يتضح المقصود والمعمود، فيجب قبض الكلام وإيثار الإيجاز.

٩ - تأصيل المسائل والقضايا:

يعمل دائماً على تقديم أصل للمسألة ووضع ضابط لها، ثم يبدأ في مناقشات


(١) الغياثي فقرة: ٩.
(٢) السابق: ١٥٢.
(٣) السابق: ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>