للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥٣٩ - ولو قال في نفسه: أحرمت كإحرام فلانٍ، فهذا أولاً سائغٌ، وقد روي أن علياً قال عند منصرفه من اليمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً إلى مكة، عام الوداع، فقال عليّ رضي الله عنه: " لبيك بإهلالٍ كلإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم " (١) ثم إذا أحرم بإحرام [كإحرام] (٢) زيد، لزمه ما هو فيه، فإن كان معتمراً، فإحرامه عمرة، وإن كان حجاً، فإحرامه حج، وإن كان قارناً، فإحرامه قرانٌ.

وإحالة الإحرام على إحرام الغير، مع الجهل بحقيقة الحال أبعد عن القياس، من جواز صرف الإحرام المبهم إلى ما يريده المحرم؛ فإن الإبهام والتعيين وقعا جميعاً، متعلِّقين بقصده، وإذا أحال على إحرام الغير، فلم يجر منه قصدٌ في التعيين، أولاً وآخراً، ولكن ذلك محتمل، متفق عليه، معتضِد بما رويناه.

وأصل الإبهام منقولٌ على الصحة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإحالة الإحرام منقولٌ عن عليٍّ، ثم ذكر علي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جرى منه، فلم ينكر عليه.

فإذا أحرم كإحرام فلان، ثم تبين أن فلاناً ما كان محرماًً، فيصير من أبهم إحرامَه محرماًً إحراماً مبهماً، فليفسره بما بدا له؛ فإن الإحرام لا خلاص منه.

٢٥٤٠ - ولو أحرم بما أحرم به فلان، وهو عالم بأنه غيرُ محرم، فهذا أولاً لا يمكن دعوى العلم فيه، فإنّ معوّل الإحرام على النية، ولا يطلع عليها غيرُ الله سبحانه وتعالى.

ولو قال: أحرمت بإحرامٍ كإحرامٍ فلان، وكان من ذكره ميتاً، وهو عالم بموته، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يصير محرماً؛ فإن الذي أتى به ليس جزماً


(١) حديث إهلال علي رضي الله عنه متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه (ر. البخاري: المغازي، باب بعث علي وخالد إلى اليمن، ح ٤٣٥٣، ٤٣٥٤، مسلم: الحج، باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، ح ١٢٥٠) وللبخاري أيضاً من حديث جابر (الحج، باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، ح ١٥٥٧).
(٢) ساقطة من الأصل.