للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروحاء (١)، حتى بحت حلوقنا (٢). فقال صلى الله عليه وسلم: [أَرْبِعوا] (٣) على أنفسكم؛ فإنكم لا تنادون أصمَّ ولا غائباً " (٤).

٢٥٦١ - واختلف قول الشافعي في أنا هل نستحب رفع الصوت بالتلبية في المساجد؟ فقال في أحد القولين: يستحب ذلك، تعميماً للأماكن والأزمنة، وأيضاًً؛ فإنها أفضل البقاع، فهي أولى بشعار الإسلام. وقال في قول: لا يؤثر ذلك؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: " جَنّبوا مساجدَكم رفعَ أصواتكم " (٥). وهو الذي يليق بتعظيم المساجد.

فإن قلنا: لا يؤثر رفع الصوت في المساجد، فهل نرى الرفعَ في المساجد التي


=ابن ماجة: المناسك، باب رفع الصوت بالتلبية، ح ٢٩٢٢، ابن حبان: ٣٧٩١، الحاكم: ١/ ٤٥٠، البيهقي: ٥/ ٤٢، التلخيص: ٢/ ٤٥٦ ح ١٠٠٣).
(١) الروحاء: موضع بين مكة والمدينة، على ثلاثين، أو أربعين ميلاً، من المدينة (القاموس المحيط).
(٢) هذا معنى حديث رواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بلغنا الروحاء حتى سمعت عامة الناس قد بُحت أصواتهم من التلبية" وقد ضعفه البيهقي، ثم ذكر طريقاً آخر للحديث عن أنس رضي الله عنه، وضعفه أيضاًً، ومن طريق أنس رواه الطبراني في الأوسط: (٢/ ٢٢٤) (ر. السنن الكبرى: ٢/ ١٨٤). هذا ولم يأت هذا الحديث في سياق يربطه بحديث خلاد بن السائب السابق على نحو ما صنع الإمام.
(٣) في النسخ الثلاث " ارفقوا " والمثبت لفظ الحديث.
(٤) حديث " أربعوا على أنفسكم .. " متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري في غزوة خيبر (ر. البخاري: الجهاد، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ح ٢٩٩٢، مسلم: الذكر، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، ح ٢٧٠٤).
وقد ربط الإمام بين هذا الحديث وما قبله وجعل سببه ما أصاب حلوقهم من التلبية، ولكنا لم نصل إليه بهذا السياق. وإنما المعروف أنه جاء في قصة غزوة خيبر. وقد تكون القصة قد تكررت ولكننا لم نصل إليها.
(٥) حديث: " جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم ". رواه ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع (المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، ح ٧٥٠). قال في الزوائد: إسناده ضعيف (ر. التلخيص: ٤/ ٣٤٦ ح ٢٥٨٢، خلاصة البدر المنير ٢/ ٤٢٩ ح ٢٨٥٦، إرواء الغليل: ٧/ ٣٦١).