للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥٩١ - وقد ذكر بعض المصنفين أن من أصحابنا من يعتبر عادات أهل كل ناحية، فيما يُتَّخذُ طيباً، وهذا فاسدٌ يشوش القاعدة.

ولا خلاف أن ما يُطعم في قطر ملتحق بالمطعومات في الربا.

٢٥٩٢ - وأما الكلام في جهةِ استعمال الطيب (١)، فإنا نسوق فيه ترتيباً جامعاً، فنقول: إذا عَبِقَ (٢) عينُ الطيب ببدن المحرم، أو ثوبه، فهذا استعمال طيبٍ، سواء كان معتاداً أو لم يكن معتاداً، فلو وطيء المحرم طيباً رطباً، بعقبه، على عمدٍ، استوجب الفدية، وعليه يُخَرّج إيجاب الفدية على المحرم، إذا أكل خبيصاً مزعفراً؛ فإن عينَ الطيب يعبق، بيده. وتعليل ذلك أن عين الطيب إذا اتصلت، وعبقت على أية جهةٍ فُرضت، فيجب على المحرم إزالتُها، كما يجب إزالة النجاسة، على من يحاول الصلاة، وكل اتصال يجب إزالته فاعتماده يوجب الفدية.

فأما إذا انتهت رائحة الطيب إلى المحرم، فيتعين في ذلك اعتبار غلبة الاعتياد، فإذا [تبخّر] (٣) المحرم واحتوى بثيابه على المجمرة، فهذا تطيب معتادٌ، موجب للفدية، ولو جلس عند الكعبة وهي تُجَمّر؛ فناله من الريح الطيب، ما ينال معتمد التبخير، فلا فدية؛ فإنه لا يسمى متطيباً، وكذلك لو جلس عند عطار، فعَبِقت به الروائح.

وألحق الأئمة بما ذكرناه أن يُجَمَّرَ بيت فيه قوم، فهم من وجه مقصودون بالعطر، ولكن إذا لم يحتوِ واحد على المجمرة، فلا يُعد متطيباً، ويعد هذا تطييبَ البيت؛ حتى يستروح إليه ساكنوه.

ْوالسر الجامع في ذلك: أن المحرم فيما نظن لم يُمنع من الطيب اضطراراً له إلى احتمال التَّفَل والأذى، ولذلك لم يمنع من الاغتسال وإزالة الوسخ، وإنما المقصود من منعه من الطيب - قطعُ اعتياد التطيب، المُلهي عما يعنيه، ولا يبعد حمل المنع


(١) هذا هو المقصود الثاني من الفصل.
(٢) عبق: من باب تعب: علق، وفاحت رائحته. (معجم).
(٣) في الأصل، و (ك) تنجز، والمثبت من (ط).