للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص طريقين: أحدهما - ما [ذكرناه] (١)، والأخرى: تخريج الضمان على وجهين مبنيين على أن الجراد إذا عمّ المسالك، ولم (٢) يجد المحرمون خلاصاً من وطئها بالأقدام، فهل يضمنون ما يَتلف منها؟ في المسألة قولان. [و] (٣) هذا على قربه في المأخذ، بعيدٌ في الحكاية.

فإن قيل: إذا تأذى المحرم بشعر رأسه، وكثرة الهوام، فالتأذي متعلّق بالشعر، ويجب الضمان، وقد روي أن كعبَ بنَ عُجرة، كان يطبخ شيئاً، والهوائمُّ تنتثر من رأسه، فمرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال، أتؤذيك هوامُّ رأسك؟ فقال: نعم، فقال: " فاحلق وانسُك بدم، أو صم ثلاثةَ أيام، أو تصدق بفَرَقٍ من الطعام، على ستة مساكين " (٤).

قلنا: التأذي بالوسخ، لا بالشعر، بخلاف ما نحن فيه.

فليفهم الناظر ثلاثَ مراتب، فيما نحاول إحداها - أن يصول الصيد، فيقتله المحرم، دفعاً، فلا ضمان؛ فإن السبب المسلِّط على القتل صدَر من الصيد.

المرتبة الثانية - في ركوب الجراد قوارعَ الطريق، فلا محيص من إهلاكها، وليس ركوبُها الطريق كصيال الصيد؛ فاختلف القول في ذلك. وفي التحاق الشعرة النابتة من داخل الجفن، والظُّفرة المنكسرة ما قدمناه.

والمرتبة الثالثة - في التأذي بالوسخ، والهوام، والشعرُ من أسبابها، فالفدية تجب بأخذ الشعر، بدليل الخبر، والإجماع.

ولا يخفى انفصال هذه المرتبة عما تقدم.


(١) في الأصل: ذكره.
(٢) (ط): لم (بدون واو).
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) حديث كعب بن عجرة متفق عليه (ر. البخاري: المحصر، باب قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] ح ١٨١٤، مسلم: الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ح ١٢٠١).