جنسَ الشعر، ثم لم يطرد هذا المذهبَ الفاسدَ، فلم يوجب فديةً كاملة، واكتفى بإيجاب صدقةٍ.
٢٦٠٧ - فأما الحلال إذا حلق شعر الحرام، فإن كان بأمرٍ منه، فالضمان وجوباً، وقراراً على المحرم، المحلوقِ، ولا شك أن الحلال يعصي بالإقدام على حلقه، ولا يقصُر فعله عن الإعانة على معصية.
ولو حلق الحلال رأسَ المحرم، والمحرم مكرَهٌ، أو نائمٌ، أو مجنون، فالفدية تجب.
وقد اضطربت مسالك الأئمة، ونحن نذكر ترتيباً يجمعها، فنقول: في المسألة قولان: أحدهما - أنها تجب على الحلال، ولا يلقى الوجوبُ المحرِمَ. والقول الثاني - أن الوجوب يلقى المحرمَ، وعلى الحلال التحمّلُ عنه.
ولم تختلف الأئمة في إيجاب الفدية، وإن لم يكن الحالق محرماً. وأقربُ مسلكٍ في هذا تشبيهُ شعر المحرم في حق الحلال بصيدِ الحرم، وشجره.
ثم إن قلنا: الوجوب لا يلقى المحرم، وإنما ابتداؤه، وقراره، على المُحل، فقد وجدتُ الطرق متفقةً على هذا القول في أن المحرمَ يطالِب المحلَّ بإخراج الفدية، وهذا مشكلٌ في المعنى، والتعويلُ على النقل.
وإن قلنا: الوجوب على الحلال، فيصوم أو يطعم، أو ينسك بالدم، والخِيَرةُ إليه.
وإن قلنا: يتحمل، فلا يتصور أن يصوم، فإن الصوم لا يدخله التحمل.
ثم في ذلك وقفةٌ عندي؛ فإنه لا يمكننا أن نلزم المحرمَ أن يصوم، والكفارة على التخيير، ويبعد أن يعيّن الدمُ، والطعام، في حق الحلال. والوجه أن نقول: إن صام المحرم برئ الحلال عن العهدة، وإن أطعم، رجع به على الحلال.
وما ذكرناه من الملاقاة، والتحمل في ذلك، ليس على قياس ما ذكرناه في كفارة الوقاع في رمضان؛ فإن ذلك تقديرٌ محض، ولا تراجع، والأمر هاهنا بخلاف ذلك؛ فإن الحالق الحلال ليس خائضاً في إحرام.