للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما إذا خرج من المسجد، فلا. ولو وُسّعت خِطةُ المسجد، اتسع المطاف، والأمر كذلك في المسجد الحرام، بالإضافة إلى ما كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن العباسيةَ وسّعوا خِطته، وقيل: كثر الحجيج عامَ حجَّ الرشيدُ، حتى امتلأت الأروقة، بالطائفين ورقُوا إلى السطوح، وانتهَوْا إلى الجدران.

وقد نجز القول فيما لابد من مراعاته في الطواف.

٢٦٣٥ - فأما ما يتعلق بالسنن والهيئات، فإذا افتتح الطائفُ الطوافَ من الحَجَر، كما رسمناه، فيما لابد منه، فيستحب له الاستلام، وهو من السَّلام، أو السِّلام (١)، وهو الحجر، فإن زُحِم، ولم يتمكن من تقبيله (٢) مسَّه بيده، ثم قَبّل يده، فإن لم يمكنه، أشار بيده.

ولا يستلم الركنَ اليماني، ولكن يمسه، تيمناً، وتبركاً، وقيل: إنه على قواعد إبراهيم. لم يغيره ما لحق البيتَ، من الهدم والبناء، ثم ذكر الأصحاب وجهين في كيفية ذلك: أحدهما - أن يُقبل المحرمُ يده، ويمَس الركن كالذي ينقل خدمة (٣) إليه والثاني - أن يمس الركنَ، ثم يقبل يده، كالذي ينقل تيمناً إلى نفسه، وينقدح هذان الوجهان في الحجر، في حق المزحوم عن الاستلام، ولست أرى هذا اختلافاً، وإنما هو في حكم [تخير] (٤).


(١) الاستلام: قال الأزهري: يجوز أن يكون " افتعالاً " من السلام، وهو التحية، فأن المستلم اقترأ منه السلام ... ونقل عن القتيبي أنه كان يذهب به إلى (السِّلام): وهي الحجارة، واحدثها (سَلمة) بفتح فكسر. أو سِلْمة، بكسرٍ فسكون، وعلى هذا يكون استلمت الحجر أي لمسته، كما يقال: اكتحلت إذا أخذت من الكحل. (راجع/الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: فقرة ٣٤٦، والمجموع للنووي: ٨/ ٣١).
(٢) يفهم من عبارة الإمام أن الاستلام هو التقبيل للحجر (وقد تابعه على ذلك الغزالي)، وليس كذلك، فالاستلام: هو المس باليد. (ر. مجموع النووي: ٨/ ٣١).
(٣) كذا في النسخ الثلاث " خدمة " وهي أيضاًً عند الرافعي في شرح العزيز، حاكياً لها عن إمام الحرمين (فتح العزيز: ٧/ ٣٢٠) ولعلها مصحفة عن (قُبلة) ففي عبارة النووي: " يقبل يده، ويستلمه، كأنه ينقل القُبلة إليه " وهو ينقل هذا عن (الفوراني) الذي كان معاصراً لإمام الحرمين (ر. المجموع: ٨/ ٣٥)
(٤) ساقطة من الأصل.