للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال الأئمة: ينبغي ألا يعرج القادمُ على أمرٍ حتى يطوفَ طواف القدوم، (١ فلو أخر طواف القدوم ١)، ففي قول الأئمة تردُّدٌ، وقد قطعوا بأن التعريج بعد طواف الوداع يفسده.

وذكر أبو يعقوب الأبيوَرْدي (٢) وجهاً في أنه يصح طواف الوداع من غير طهارة، ثم قال: يُجبر بدم.

وإنما قال هذا، من حيث إنه أُلزم: وقيل: لو جاز جبر [طواف الوداع بالدم، لجاز جبر] الطهارة فيه بالدم، فارتكبه (٣)؛ وقال تُجبر. وهذا غلط، لأنه إذا وجب الدم، فهذا جبرُ الطواف؛ لا جبرُ الطهارة.

فهذا آخر قواعد المذهب في الطواف.

وقد شذ عن أصول المذهب مسائلُ قريبة ونحن نرسمها فروعاً.

فرع:

٢٦٥٠ - الصبيّ إذا انعقد عليه الإحرام، فطاف به طائف، فإن لم يكن ذلك الطائف في نسك، أو كان ناسكاً، ولكن طاف عن نفسه أوّلاً، ثم احتمل الصبيَّ، وطاف به، فالطواف يقع عن الصبي في الصورتين، بلا شك.

ولو لم يكن طاف عن نفسه، فإن نوى بالطواف نفسَه، وقع عنه، ولم يحصل الطوافُ للصبي وفاقاً، وإن حصلت فيه صورة التردد.

والسبب فيه أن هذه الحركات الصادرة من الحامل، لا يجوز تقدير صرفها إلى مصرفين؛ فإذا وقعت عن شخصٍ، لم تقع عن غيره؛ وأئمة المذهب مجمعون على هذا؛ فلا نظر مع وفاقهم في وجه الرأي والاحتمال.


(١) ساقط من (ك) ما بين القوسين.
(٢) أبو يعقوب: يوسف بن محمد الأبيوَرْدي. أحد الأئمة، من أقران القفال، ومن مشايخ الشيخ أبي محمد الجويني. منسوب إلى (أبيوَرْد). له كتاب المسائل في الفقه، تفزع إليها الفقهاء.
توفي في حدود الأربعمائة، أو بعدها بقليل. (طبقات السبكي: ٥/ ٣٦٢).
(٣) ارتكبه: هذا مصطلح من مصطلحات المناظرة والجدل، ولم أصل إلى من عرّفه في المؤلفات الخاصة بهذه المصطلحات، ولكن رأيته أكثر من مرة في كلام إمامنا، كما هو واضح من السياق.
هذا وقد سبق محاولةُ بيانه في بعض التعليقات السابقة. ومعناه هنا واضح من السياق،
وهو أن يُلزَم المناظر أمراً، فلا يعرف الخروج منه، فيسلم بما أُلزمه، وهو خطأ بيّن.