للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٧٠١ - ومما يتعلق بذلك: أن الغريب إذا انتهى إلى عرفةَ ليلةَ النحر، وبقي في شغل الوقوف، حتى فاته المبيت بمزدلفة، فلا خلاف أنه لا يلزمه في مقابلة فوات المبيت شيء، واشتغالُه بالوقوف حطَّ عنه عهدةَ المبيت. وإنما يثبت الخطاب بالمبيت على من يتفرغ إليه. ولما ذكر صاحب التقريب ذلك، على ما وصفناه، قال بانياً عليه: لو وقف بعرفةَ نهاراً مع الواقفين، ولما غابت الشمس أفاض، وانحدر إلى مكةَ ممتداً (١)، واشتغل بطواف الإفاضة بعد نصف الليل، ففاته المبيت لأجل ذلك، فلا يلزمه شيء إذا كان مشتغلاً بالطواف المفروض، وهو بمنزلة اشتغاله بالوقوف ليلاً.

وذكر الإمام هذا على هذا (٢) الوجه، وحكاه عن القفال.

وهذا محتمل عندنا؛ من جهة أن من لم ينته إلى عرفةَ إلا ليلاً، فهو مضطر إلى التخلف عن المبيت، والذي يمتد إلى مكة ليطوف ليلاً، لا ضرورة به، فليبت، وليصبح مع الناس.

٢٧٠٢ - ثم إذا قلنا: المبيت النسك مضمون بالدم، فلو ترك المبيت في جميع الليالي التي أمرناه بالمبيت فيها، ففي الواجب عليه قولان في ظاهر المذهب: أحدهما - أنه يلزمه في مقابلة الجميع دمٌ واحد. والثاني - يلزمه دمان: أحدهما في مقابلة ليلة مزدلفة، والثاني في مقابلة ليالي منى؛ فإن ليلةَ مزدلفة مباينةٌ لغيرها من ليالي المبيت، لما نبهنا عليه، فلتفرد بحكمها. وإنما يحسن طرد القولين في حق من يتقيد ليلةَ النفر الثاني؛ بأن تغرب عليه الشمس، وهو بمنى، حتى تتم ليالي منى ثلاثاً، ثم يخرج في الليلة الأخيرة بعد التقيّد.

فأما إذا نفر في النفر الأول، فقد عاد المبيت إلى ليلتين، فإذا تركهما، وترك

المبيتَ ليلة مزدلفة، فإن قلنا في ترك الجميع دم، فلا كلام. وإن قلنا: يفرد المبيت ليلةَ مزدلفة بدمٍ كامل، ففي ليلتي منى وجهان: أحدهما - أنه يكمل (٣) فيها


(١) في (ك): مبتدأً، وفي الأصل خرمٌ هنا. والمثبت من (ط).
(٢) عبارة (ك): هذا في الوجه.
(٣) في (ط)، (ك): " لم يكمل ". وهو مخالف للسياق، وهذا التصرّف تقديرٌ منا، ونسخة الأصل مخرومة هنا. كما نبهنا قريباً.