للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدير الإجارة من مثل هذه المسافة أن يمر بالأجير زمانُ حجٍّ، وهو في الطريق، فلا منع والإجارة سائغةٌ، وذلك الحج القريب، إذا لم يكن ممكن الحصول، فلا حكم له، والنظر إلى تواصل السير، وهو من عمل الأجير، وإن لم يكن مقصود المستأجِر.

ولو استأجر رجلاً بعينه ليحج عنه، وأطلق الإجارة الواردة على العين، وكان الزمان الباقي من السنة بحيث يسع الحجَّ على يسر، فالإجارة المطلقة صحيحة، وهي محمولةٌ على الإجارة المقيّدة بحجة هذه السنة، فإن اتفق إيقاع الحج، فذاك، وإن أخرها الأجير، ولم يخرج، انفسخت الإجارة، كما لو تقيدت بحجة (١) هذه السنة، فالمطْلَقةُ مُنَزَّلةٌ على حكم المقيدة، وإذا حكمنا بالانفساخ، لم يخْف أن الأجير لو أتى بالحجة في السنة الثانية، لم تقع عن المستأجر.

فهذا تفصيل القول في تصوير الإجارة الواردة على العين.

٢٧٤٨ - فأما الإجارة الواردةُ على الذمة، فتصويرها هيّن، وذلك أن يقول المستأجر لمن يخاطبه: ألزمتُ ذمتك حجةً تُحَصِّلها بكذا، فهذا جائز، وهو مطّردٌ في جملة الأعمال المنتحاة المقصودة بالإجارة.

ثم هذا القسم ينقسم إلى مقيد بالتأخير، وإلى مقيّدٍ بالتعجيل، وإلى مطلق.

فأما المقيد بالتعجيل، فهو سائغ؛ فإنه لا يمتنع ثبوتُ الشيء على حكم الدَّين حالاًّ، والدَّين ينقسم إلى الحالّ، والمؤجل.

ثم إذا كان الأمر كذلك، فإن اتفق الوفاء بتحصيل الحج في الأمد المضروب، فهو المراد.

وإن لم يحصِّل الملتزم ما التزمه في ذلك الوقت المعين، فقد ذكر الأئمة طريقين: أما العراقيون، فقد قطعوا القول بأن الإجارة لا تنفسخ، ولكن المعضوب المستأجِر يتخير في فسخ الإجارة؛ من حيث تعذر حصول مقصوده في الوقت المضروب،


(١) (ط): حجة.