للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أيضاً، والذي جاء به الأجير ليس ما أمر به المستأجر؟ قلنا: إذا كان المرء يحج، ويعتمر عن نفسه، فهو منهيّ عن ارتكاب المحظورات، مأمور بإقامة الأبعاض وتأديتِها، من جهة الشارع، فلو خالف (١) النهي والأمر، ولم يأت بمفسد، وقع النسكان موقعهما؛ وبرئت الذمة منهما، ثم الشرع متبع فيما يوجَب ويستحب من جبران، فجرى مخالفةُ الأجير المستأجِر [هذا] (٢) المجرى، مع تحصيل أصل النسكين.

وهذا يتم بلطيفةٍ فائقة (٣) في الفقه: وهي أن المستأجِر ليس يحصّل الحج لنفسه، وإنما يحصلُه ليقع لله تعالى، فجرت مخالفةُ الأجير مجرى مخالفة الشرع.

فإذا تمهد هذا، قلنا: بين الإفراد والقِران تفاوت بيّن: في الفعل، والميقات، فإذا استأجره ليُفرد، فقرن، فقد ترك مزيداً مستدعى منه، فهل يحط من أجرته؟ القول في ذلك كالقول فيه إذا أساء الأجير وجاوز [الميقات] (٤)، وقد تفصّل المذهب في هذا النوع على أحسن مساق.

٢٧٧٠ - ولو أمره بالقِران، فتمتع، ففي القِران نقصان في الأفعال وإتيان بالحج من الميقات الأقصى، وفي التمتع كمالٌ في الأفعال، ونقصان في الميقات، فمن أصحابنا من قال: المأمور بالقِران إذا تمتع، فهو كما لو قرن [لتقارب] (٥) الجهتين، فكأنه لم يخالف. ومنهم من جعله مخالفاً، وهو ظاهر القياس.

فإن لم نجعله مخالفاً، فلا كلام، وفي وجوب الدم الخلاف المقدم: ففي وجهٍ هو على (٦ المستأجر، وفي وجهٍ هو على ٦) الأجير، كما لو استأجره للقِران، فقرن.

فإن جعلناه مخالفاً، فالدم على الأجير وجهاً واحداً، ثم الزيادة التي أتى بها في تمتعه


(١) أي الأجير خالف أمر المستأجِر ونهيه.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) (ط): رائقة.
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) في الأصل: لتفاوت.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (ط).