للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٧٧٨ - ومن المسائل أنا إذا جوزنا الاستئجار على التطوّع، فلو استأجر رجلٌ طائفةً من الأجراء حتى يحصّلوا له حِجَجاً في سنةٍ واحدة، فقد اختلف أصحابنا، فمنهم من قال: تصح الحجج، وتنصرف إلى المستأجِر. ومنهم من قال: لا ينصرف إلى المستأجر أكثرُ من حجة واحدة، فإن سبقت واحدةٌ بالعقد، فهي المنصرفةُ إليه، وإن وقع العقد بجميعها معاً، فليس بعضها أولى من بعض، فلا ينصرف شيء منها إليه.

وقد يختبط [فكر] (١) الفقيه في الإجارات، وليس ذلك من غرضنا؛ فإن الإذن كافٍ في هذا الباب.

ومن منع انصراف حجتين إليه، فصاعداً، اعتل بأن ذلك لا يتصوّر منه، على حكم المباشرة، وهي الأصل، والنيابة في حكم البدل؛ إذ لا مصير إليها [إلا] (٢) مع العجز عن الأصل.

والأصح انصراف الحج إليه، وإنما يظهر الخلاف فيه إذا استأجر في سنة (٣ واحدة أجيرين بحجتين، وما كان حج حجّ الإسلام، فلو صرفنا ٣) الحجتين إليه فإحداهما تطوّع، وحكم التطوع أن يستأخر عن الفرض.

ويجوز أن يقال: حكمه أن لا يتقدم على الفرض، ولا يضر أن يجامعه، إذا تُصوِّر الأمر على ما ذكرناه.

٢٧٧٩ - ومن المسائل مسألة نقلها المزني عن الشافعي في المنثور (٤)، فقال: إذا قال المعضوب: من حج عنّي، فله مائة دينار، فإذا حج عنه إنسان، وقع الحج عن القائل، واستحق من حج عليه المائة. ولما نقل المزني هذا، خالفه، وبالغ في تزييفه، وقال: كيف تصح هذه المعاملة، مع إمكان الإجارة، ومعلوم أن الجعالة إنما تثبت للضرورة، في مثل رد الأُبّاق من العبيد، والشرّاد من الدواب؛ فإن الضبط


(١) في الأصل: قلب.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) ما بين القوسين بياض في (ك).
(٤) المنثور: كتاب للمزني.