للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأعداء مسلمين أو مشركين؛ فإن الحجيج لا يكونون على أُهَب القتال، في أغلب الأحوال، فلا يجب القتال لذلك، وقد لا يسوغ؛ إذا منعنا الاستقتال، كما سيأتي في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى.

فإن كان الحجيج متأهبين للقتال، وقد صدمهم الكفار، فلا فرار إذاً، إذا تجمعت الشرائط المعتبرة في تحريم الفرار. وإذا تعين الاشتغال بالقتال، فلا معنى للانصراف، ولا سبيل إلى التحلل إذا امتنع الانصراف.

هذا التفصيل لا بد منه.

ولو أحاط الأعداء بالحجيج من الجوانب، فهل يجوز التحلل والحالة هذه، فعلى قولين: أحدهما - لا يجوز، فإنهم لا يستفيدون بالتحلل أمراً، وإذا لم يكن من لُقيان العدوّ بدّ، فمصابرة الإحرام محتومة.

والقول الثاني - يجوز التحلل؛ فإنهم ممنوعون عن صوب الكعبة، والحصر متعلق بالمنع منها، فإن فرضت محنة في جهة أخرى، فلا التفات إليها.

٢٨٣٧ - وأما المرض فليس من أسباب التحلل عند الشافعي. ولو أحرم المرء، وشرط أنه إذا مرض مرضاً ثقيلاً تحلل، ففي جواز التحلل عند المرض قولان: المنصوص عليه في الجديد أنه لا يجوز التحلل؛ فإن ما لا يفيد التحلل بنفسه، فيبعد أن يُفيد الشرط فيه (١ تحللاً، مع اختصاص الحج عن العبادات بمزيد التأكد ١)، والبعد عن التحلل.

ونص في القديم على أنه (٢ يجوز التحلل إذا جرى الشرط كذلك، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لضُباعة [الهاشمية] (٢)، لما ذكرت ما بها من سقم، ورامت التخلف عام حجة الوداع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهلي واشترطي أن مَحِلّي حيث حبستني " ويتجه حمل الحديث على أمرها بالإهلال،


(١) ما بين القوسين، مما ذهب من أطراف (ك).
(٢) في الأصول: الأسلمية. وهو وهم نبّه عليه النووي في " تهذيبه ": ٢/ ٣٧٦، وحديث ضباعة متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها (اللؤلؤ والمرجان: ح ٧٥٤).