حنطةً، ولم يرع شرائط السلم، وإن قال بعتُك المائة الصاع، التي في هذا البيت، وهذا النموذج منها، فإن لم يدخل النموذج في البيع، فقد قيل: هذا بيع غائب، فلا يصح على هذا القول.
ويحتمل عندي أن تكون رؤية النموذج بمثابة وصف المبيع الغائب على ما مضى.
فإن قيل: مثل هذا لا يُكتفى به في وصف المُسْلَم فيه. قلنا: لأن السلم ينافيه التعيين جملة، كما سيأتي في السَّلم إن شاء الله تعالى، وأصل التعيين معتمدُ بيع الأعيان.
فأما إذا أدخل النموذج مع الآصع في البيع، فقد قطع القفالُ بالصحة، وألحق ذلك ببيع الصُّبْرة التي يدل ظاهرها على باطنها، وخالفه طوائفُ من الأئمة. والقياس ما قاله، ولا شك أن النموذج مفروض في المتماثلات.
فأما إذا صححنا بيع الغائب، فما ذكره العراقيون، والصيدلاني، وشيخي، أنه لا بُد من ذكر الجنس، فلو قال: بعتك ما في كُمي، ولم يعرفه المشتري، فالبيع باطل. وهذا ظاهر مذهب أبي حنيفة (١).
ومن أصحابنا من صحح العقد، تفريعاً على هذا القول، وهو قياسٌ ظاهر، فإذا كنا لا نشترط استقصاءَ الصفات، فلا تزول الجهالة بذكر الجنس، والمرعي في هذا القول أن يكون المبيع متعيناً.
ثم قال العراقيون: يشترط ذكرُ النوع، حتى يقول بعْتُك العبدَ التركي، ولم يشترط أصحاب القفال ذلك، ثم قالوا: إذا ثبت اشتراط الجنس والنوع، فهل تُشترط صفاتُ السلم؟ أم يكتفى بالمعظم؟ فعلى وجهين، ولعلهم أرادوا بالمعظم ما تحيط به الرؤية المعتادة.
وهذا الذي ذكروه يجانب طريق المراوزة؛ فإنَّهم ذكروا التعرضَ للصفات على قولنا: لا يصح بيع الغائب؛ فقالوا: استقصاءُ الصفات هل تنزل منزلة الرؤية، حتى