أن يقال: وجه التقريب فيه -إذا لم يكن بيتٌ جامع- إن جلوس رجلين في مجلس واحد ليس يخفى، وذلك ينقسم إلى التقارب في الجلوس والتباعد، وقد يتدانى رجلان حتى يتماسَّا، وقد يبعد أحدهما عن الثاني بعضَ البعد، ولكن يُعدان في مجلس واحد.
فهذا ما ينبغي أن يراعى.
فنقول: إذا فارق أحدهما الثاني، وانتهى إلى موضع، لو استقر فيه، لم يُعدّ المكان مجلساً جامعاً، فهذا فراق، وإن كان أقرب من ذلك، فليس فراقاً.
ويمكن أن يقال: المجلس الواحد ما يتسير فيه التفاهم، مع الاقتصاد في الصوت، ويراعى في ذلك اعتدال الأحوال. فهذا أقصى الإمكان.
ويخرج عليه أن البيت إذا تفاحش اتساعه، وقد تبايعا في صدره، فيتحقق الفراق بأن يفارق أحدهما الثاني إلى بعض البيت؛ فإن مثل هذا البيت لا يبين أن يكون مجلساً واحداً لشخصين.
فإن قيل: العرف يختلف في اتحاد المجلس، وقرب الجلوس وبُعده، باختلاف الأقدار والمناصب، فالمتوسط لا يقرب من الملك قُربَه ممن هو في مثل حاله، قلنا: المجلس لا يختلف عندنا بذلك، والذي خيّله السائلُ مغالطةٌ؛ فإن منصب الملك يمنع أن يجتمع [معه](١) متوسط في مجلس واحد، فهذا من باب امتناع اتحاد المجلس، وليس من تفاوت المجلس.
٢٨٨٦ - فإن قيل: لو وقف المتعاقدان متباعدين، وزادت المسافة بينهما على مقدار المجلس، وتناديا بالإيجاب والقبول، فهل ينعقد العقد؟ وإن انعقد فما حكم خيار المجلس؟ قلنا: الوجه القطع بصحة البيع، إذا اتصل الإيجاب بالقبول من جهة الزمان، هذا ما أثق به، نقلاً ومعنى.
فأما خيار المجلس ففيه احتمال ظاهر، يحتمل أن يقال: لا خيار؛ فإنهما أنشآ العقد على صورة التفرق، وهو قاطعٌ للخيار إذا طرأ على المجلس الجامع، فإذا قارَن العقدَ، منع ثبوتَه. ويجوز أن يقال: يثبت لكل واحد منهما الخيار. ثم إذا قدرنا