للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٢٨٩٣ - إذا ثبت خيارُ المجلس بين المتعاقدَيْن، فأُخرج أحدُهما من المجلس محمولاً مكرهاً، فلا يخلو: إما أن يُسدَّ فُوه في حال النقل، حتى لا يتمكن من الفسخ، أو ينقل من غير ذلك، فإن حُمل مُكرهاً مسدودَ الفم، وأُخرج من المجلس، ففي انقطاع خيار المجلس وجهان في الطرق، يقربان من القول في الانقطاع بموت أحد المتعاقدين، والأقرب في الإخراج بقاء الخيار؛ فإنَّ من له حق الخيار باقٍ، وإبطال حقه اللازم قهراً مع بقائه بعيدٌ، فهذا فيه إذا أخرج مسدود الفم. فأما إذا حُمل مفتوح الفم، وكان متمكناً من الفسخ، ففيه طريقان: من أصحابنا من قطع بانقطاع الخيار، وهو اختيار الصيدلاني، فإنه كان متمكناً من التصرف، فلا يتحقق الإكراه.

وذكر بعضُ أصحابنا وجهين في هذه الصورة، وأشار إليهما العراقيون، ووجه ذلك أنه كان مكرهاً في الإخراج، وهو سبب المفارقة، فقد جرى السبب القاطع للمجلس على كُره، فلا ننظر إلى تمكنه من الفسخ، وهذا يضاهي تركَ المجروح مداواةَ الجرح، مع القدرة عليها، حتى تَزهقَ روحُه (١)، وقد يكون المخرَج مبهوتاً في تلك الحالة، أو تكون عليه بقية من التروِّي، ففي إرهاقه وهو في تروّيه إكراه في مقصود الخيار.

فإن قلنا: يبطل خيار المكرَه المُخرج، فيبطل خيار الباقي في المجلس؛ فإنا نجعل هذا الإخراج في قطع المجلس بمثابة الخروج على سبيل الاختيار، ولو خرج مختاراً، لانقطع خيارهما جميعاً.

فأما إذا قلنا: لا يبطل خيار المخرَج كُرهاً، نُظر في الباقي، فإن ضُبطَ (٢) حتى لا يساوق هذا المخرَج، فلا يبطل خيارُه؛ [إذْ] (٣) تحقق الإكراه في حقه، كما


(١) فترْكُ مداواة الجرح لا يمنع من تحميل الجاني الجناية على النفس، بعد أن كانت جُرحاً وجناية على الطرف.
(٢) ضبط: المراد ألزم المجلس مرغماً حتى لا يرافق المكره على الخروج.
(٣) في الأصل: إذا. وما أثبتناه من: (هـ ٢).